صناعة النشر في سوريا تبحث عن حلول فى مواجهه التحديات الرهنة

تواجه دور النشر في العالم تحديات كبيرة في الوقت الراهن بسبب ما تتعرض له من صعوبات وعقبات مختلفة وهذا ما ينطبق على دور النشر في سوريا والوطن العربي. وفي ظل الدور الثقافي المنوط بدور النشر باعتبارها أحد مفاتيح تحقيق التنمية والارتقاء بالمجتمع معرفياً وثقافياً لا بد من الوقوف على أبرز هذه التحديات واستنباط الرؤى والحلول لها لمعرفة آفاق الكتاب السوري ومستقبله.

وتعيش صناعة النشر في الوطن العربي مخاضا عسيرا بعد ما عاناه القطاع من تأثيرات جائحة كورونا، وبعد إلغاء عدد من معارض الكتب التي تشكل رافدا أساسيا لهذا القطاع وموردا لدور النشر لعرض آخر إصداراتها.

وقد تفاقمت أزمة قطاع النشر ما دعا اتحاد الناشرين العرب إلى محاولة إيجاد حلول ملموسة وإلى التفكير بطرق جديدة لإنقاذ قطاع النشر الذي بدأ يسترد عافيته تدريجيا مع تحسن الوضع الصحي ولكن ذلك لا يكفي كما يبين الناشرون السورين الذين لهم تصورات حول الأهمية الثقافية لصناعة النشر قبل أهميته التجارية.

وعن أهمية دور النشر في تنمية الثقافة والمعرفة بيّن عدد من أصحاب دور النشر السوريين ما يواجهونه من تحديات وسبل الخروج مما يواجهونه من تحديات.

ويبين رئيس اتحاد الناشرين السوريين هيثم الحافظ أن دور النشر يجب أن يكون لها الباع الطويل في صناعة القرار الثقافي والاقتصادي والولوج إلى الأماكن الثقافية الكبرى في البلد وهي الأساس لتطور صناعة النشر والمعارض الأمر الذي ينهض بالتنمية الثقافية المستدامة.

وقال الحافظ إننا نعمل من خلال دور النشر على إنتاج كتاب يليق بالقارئ العربي والسوري إضافة إلى تطوير الكتاب بالشكل الأمثل ولدينا الكثير من الناشرين الذين تطوروا خلال السنوات الخمس الأخيرة وتجاوزوا الكثير من العقبات والصعوبات التي تواجه عملهم.

أما مدير دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع الباحث والأكاديمي نبيل طعمة فيرى أن أيّ تعامل مع الثقافة من خلال النشر يجب أن يستند إلى ثقافة وطنية بمختلف أنواعها وأن يحقق التعامل مع كل الثقافات واللغات دون إهمال أو تراجع للغة العربية لافتاً إلى ضرورة أن تكون جميع المنشورات ضمن حدود الرقابة التي تحافظ على مستواها الثقافي والوطني والأخلاقي.

ويشير مدير دار الشعب للطباعة والنشر والتوزيع الباحث حسين راغب إلى أنه من المفترض أن تكون اهتمامات مؤسسات النشر في هذه المرحلة تحديداً بالفكر الذي يواجه المؤامرات على الوطن وما يهدده من إرهاب ومحاولات زعزعة انتماء المثقف لوطنه، إضافة إلى ما يعزز مواجهة الغزو الثقافي والتراث الحضاري الذي ورثته أمتنا وهذا الفكر يغلب على منشورات دار الشعب.

أما مديرة دار عقل للترجمة والطباعة الكاتبة عبير عقل فبينت أن من أبرز المظاهر التي تتجلى من خلالها أهمية النشر نجدها تعود إلى فكرة تعزيز دور المجتمع الأهلي في بناء الحراك الثقافي والوعي المجتمعي ومن واجب دور النشر عدم الاستسهال في التعامل مع رقابة المستوى الإبداعي وتبني أيّ مشروع دون الرجوع إلى محددات الرقابة.

ومن الضروري لأيّ دار نشر أن تراعي هموم المجتمع وقضاياه الوطنية والاجتماعية والأخلاقية بحسب مدير دار سين الباحث أيهم صقر، مشيراً إلى أن من واجب دور النشر تبني المواضيع المعنية بنهج المقاومة والتصدي للمتآمرين.

وعن أهم الصعوبات التي تواجه دور النشر يبين صقر أن النشر أصبح يعاني من عدم توفير مستلزماته وارتفاع أسعاره كالورق والحبر وغيرهما ما جعل ذلك ينعكس على حجم الطباعة والإصدارات وغلاء ثمن مبيع الكتب وذلك سهل انتشار الظواهر الإلكترونية الضارة التي بدأت تحل محل الكتاب.

ورأى الشاعر الدكتور أسامة حمود أن دور النشر بعضها يقوم بدور إيجابي ويتكفل بانتقاء ما هو مفيد ونشره والعمل على توزيعه، وبعضها يتعامل بأسلوب مادي ويقوم بطباعة ما يقدم إليه من كتب مقابل أجر معين وهذا النوع انعكس سلباً على مضمون الثقافة في الآونة الأخيرة وأظهر بعض الدخلاء على عالم الأدب.

وتوضح الأديبة فلك حصرية أن دور النشر يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً إذا استطاعت أن تجمع بين الجانب المادي الذي يخدمها والجانب الثقافي الذي ينعكس على المجتمع من خلال انتقاء مواضيع إيجابية للكتب التي تنشرها والتي تنمّي الوعي الثقافي والوطني.

وربما كان لخصوصية الواقع السوري التأثير الكبير على تصورات صناعة النشر التي تحاول الجمع بين الوظيفة الثقافية والمردودية الاقتصادية وهو رهان لا يبدو سهلا خاصة مع ما شهدته سوريا من صراعات ستبقى آثارها صعبة المحو.