بعد أن حصر فيروس كورونا وبدأت الحياة الطبيعية تعود إلى حد ما إلى مسارها الأول، حتى ظهرت الآثار المالية والاجتماعية التي خلفها الوباء على الاقتصاد الكويتي ، وقد تكون حالة صناعة الورق بأنواعها أحد مظاهرها “التحسن الاقتصادي” الذي يشهده العالم اليوم.
وما إن تدخل إحدى مطابع الكويت هذه الأيام حتى تسمع «صرخة واستغاثة» القائمين عليها، صرخة من الارتفاع الجنوني لسعر طن الورق، واستغاثة لتلبية احتياجاتهم التي «انفتحت» على الآخر، لدرجة أن الاتصالات مع دول الجوار كالسعودية وقطر لم تنقطع، وزاد الطلب من الموردين وغيرهم، عن المتوفر من الورق دون السؤال عن نوعه أو سعره، إذ المهم تلبية طلبات الزبائن.
منذ أربعة أشهر تقريباً وسعر طن الورق يرتفع يوماً بعد آخر، ففي سنوات «كورونا» كان يتراوح بين 270 و280 ديناراً، حسبما يقول مدير مطابع الخط سامي أيوب، غير أنه وصل اليوم إلى نحو 450 ديناراً أو أقل قليلاً.
وقد تحدث أسامة أسعد (أبويوسف)، أحد تجار الورق، قائلا: «تسلمت كونتينر فيه 30 باليت، أي نحو 45 طناً، في الساعة الرابعة صباحاً، وبعد ساعتين تم بيعه كاملاً، وهو ما لم يكن يحدث في السابق».
وفي رأي أصحاب الشأن هناك عدة أسباب وراء ارتفاع سعر الورق بأشكاله المختلفة، عدا الكرتون، تندرج فيما يلي:
أولاً: زيادة كلفة الشحن والنقل البحري ثمانية أضعاف عما كانت قبل «كورونا»، إذ وصلت إلى 9 آلاف دولار بعدما كانت ألفاً فقط.
ثانياً: زيادة الطلب وتراجع المعروض، إذ لم تعمل المصانع بعد بكامل طاقتها الإنتاجية، بعدما اكتفت خلال السنتين الماضيتين بتشغيل 10 إلى 20 في المئة من طاقتها، لا سيما في أشهر الإقفال والإغلاق.
ثالثاً: زيادة الموارد الأولية التي تدخل في صناعة الورق بنسبة 20%.
رابعاً: عدم توفر الغاز خصوصاً للمصانع التي تعمل في أوروبا والهند والصين، إلى جانب ارتفاع قيمته 50%.
خامساً: شح مادة البالب «PULP»، وهي المادة القطنية التي تدخل في صناعة الورق وتعرف بـ «لب الخشب»، والبلد الأول الذي ينتجها هو تشيلي.
سادساً: تراجع إنتاجية أكبر مصنع في العالم «APP»، وهو يقع في إندونيسيا ولديه فروع في الصين وغيرها، وهو يلبي احتياجات أكثر الأسواق العالمية.
أصحاب المطابع وتجار الورق عقدوا مقارنة بين أسعار ورق «FOOD BOARD» على سبيل المثال، قبل سنتين وأسعارها حالياً، إذ يقول أيوب: «قبل أزمة كورونا كان سعر الطن 280 ديناراً، واليوم بلغ 550 ديناراً تقريبا»، مؤكداً أن هناك فارقاً كبيراً بين الحالتين، أما ورق الكوشيه فقد كان سعر الطن 230 ديناراً، ووصل اليوم إلى نحو 450 دينارا.
وحسب تقديرات موردي الورق وتجاره، فإن استهلاك الكويت السنوي يقدر بـ 150 ألف طن تقريباً، وقد يزيد أو ينقص تبعاً لحاجة السوق، مشيرين في معرض الاستدلال على ارتفاع قيمة الورق إلى أن كتاب وزارة التربية، على سبيل المثال، كانت تكلفته لا تزيد على 200 فلس، واليوم وصل إلى 800 فلس، وأحياناً دينار، وبالتالي ارتفعت الميزانية المرصودة من جانب الوزارة من مليوني دينار إلى 6 ملايين تقربياً هذه السنة، فقد استهلكت «التربية» وحدها نحو 5 آلاف طن من الورق بعد عودة المدارس.
وباتت أزمة الورق حديث العاملين في المطابع، وإن كان تجار الورق يغمرهم الفرح بتعويض خسائرهم التي زادت من سوء أوضاعهم المالية طوال السنتين الأخيرتين، علما أنه وللمرة الأولى تسمع وترى أصحاب مطابع وتجار ورق سعوديين يطلبون من السوق الكويتي أي كمية متوفرة منه، حتى لو بلغت مئات الأطنان.
ويرى تجار متابعون أن أسوأ سنة اقتصادية مرت على سوق الورق كانت 2020، سنة «كورونا» الصعبة، فقد تجمدت فيها هذه الصناعة في كل مراحلها، من إنتاج وتصنيع وتسويق. وعن أثر ذلك، قال «ابن المطابع» سامي أيوب: «كنا نصنع مليون علبة كلينكس شهرياً، ونستخدم فيه ورق دوبلكس، واليوم ارتفع هذا النوع من الورق 100%، وهو بالمناسبة يتم تصنيعه، أي تدويره، من النفايات، ووصل سعر الطن إلى 290 ديناراً بعدما كان 160 ديناراً تقريباً».
معظم تجار الورق، توقفوا عن الاستيراد خلال السنتين الماضيتين واعتمدوا على ما لديهم في مخازنهم، ومع بدء الانفراجة وزيادة الطلب باتت موجودات المخازن في الحدود الدنيا وصارت الطلبات حسب الـ «ORDER»… فقد تبدلت استخدامات الورق اثناء الجائحة بعد أن تواجد الـ «ONLINE» ليختفي استعمال الورق مرحلياً ومؤقتاً.