التسويق الرقمي، أم التسويق وجهاً لوجهه…؟
كيف يبدأ تحدي إشراك العملاء في العملية التسويقية
في إطار الاهتمام بصناعة الطباعة، فقد أشارت بعض الدراسات الإحصائية إلى أن حجم سوق الطباعة التجارية العالمي قد بلغ مقدار قيمته 489.63 مليار دولار أمريكي، وذلك خلال العام الماضي 2022، بالإضافة إلى ذلك فإنه من المتوقع أن يزداد حجم السوق بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 2.8 ٪، وذلك خلال الفترة الممتدة من 2023 إلى 2030. ومع ذلك، يعتقد بعض الخبراء أن هذه الأرقام تعبر عن وجهه نظرمفرطة في التفاؤل، وأن معدل النمو السنوي الحقيقي سوف يكون أقل من ذلك، حيث إنه سيصل فقط إلى 1.7 ٪ بحد أقصى.
لقد أدى النمو المتباطئ في صناعة الطباعة التجارية خلال العقد الماضي، إلى دفع شركات الطباعة إلى تنويع وتكثيف أنشطتها التسويقية. حيث تبحث دور الطباعة في الفترة الحالية عن حلول جديدة من أجل تحقيق المزيد من الإيرادات ومن أجل أن تبقي قوية في سوق صناعة الطباعة. تتمثل أحد الحلول التي أتبعتها شركات الطباعة في تكثيف أنشطتها التسويقية. ولكن على أرض الواقع، فإنها قد وجدت أن هناك عقبة كبيرة تواجهها، وهي تتمثل في الإجابة على هذا السؤال الصعب، هل يجب عليها تنفيذ المزيد من آليات التسويق الرقمي أم التسويق وجهاً لوجه؟
التسويق الرقمي أم التسويق وجه لوجهه، ما هي الوسيلة الأكثر فعالية؟
التسويق وجهاً لوجه، والتسويق الرقمي، هما عبارة عن طريقتين مختلفتين من أجل ترويج المنتجات والخدمات. حيث تهدف كلتا الطريقتين إلى الوصول إلى العملاء المحتملين، إلا أنهما تختلفان في نهجهما وفعاليتهما.
يعتمد التسويق وجهاً لوجه، والمعروف أيضًا باسم التسويق التجريبي على التفاعل المباشر مع العملاء المحتملين. حيث يمكن أن يتمثل هذا النوع من التسويق في شكل إقامة المعارض التجارية، والفعاليات، وعروض المنتجات التفاعلية. وفي إطار هذا السياق، نود أن نشير إلى أنا الميزة الأساسية للتسويق وجهاً لوجه تتمثل في القدرة على إنشاء اتصال شخصي مع العملاء المحتملين. ومن خلال التعامل مع العملاء بشكل مباشر، يمكن للشركات الإجابة عن أسئلة العملاء وتقديم العروض التقديمية وبناء الثقة. يمكن أن يكون هذا فعالًا بشكل خاص للمنتجات أو الخدمات التي تتطلب المزيد من التخصيص أو التي يزيد سعرها عن غيرها من المنتجات الأخرى.
ومع ذلك، فإن التسويق وجهاً لوجه ينطوي على بعض القيود. على سبيل المثال، قد تكون إمكانية التواجد في المعارض التجارية والفعاليات أمر مكلف بالنسبة للعملاء، وبالتالي فهو يقتصر على الوصول إلى الأشخاص الحاضرين فقط. وعلى ذلك فإن التسويق وجهاً لوجه يحتاج استثمارا كبيرا للوقت والموارد، مما يمثل تحدياً للشركات الصغيرة ذات الميزانيات المحدودة.
من ناحية أخرى، ينطوي التسويق الرقمي علي الترويج للمنتجات والخدمات من خلال القنوات الرقمية، مثل وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني ومحركات البحث. فالميزة الأساسية للتسويق الرقمي هي القدرة على الوصول إلى جمهور أكبر. ونظرا لأن غالبية الأشخاص يقضون وقتًا طويلا في استخدام الإنترنت، فإنه يمكن للشركات استخدام القنوات الرقمية للوصول إلى العملاء المحتملين بطريقة أسهل. كما يوفر التسويق الرقمي أيضًا قدراً أكبر من المرونة والدقة في استهداف التركيبة السكانية والاهتمامات والسلوكيات المحددة للعملاء. حيث يتيح ذلك للشركات إمكانية إنشاء حملات تسويقية مستهدفة يكون لها صدى لدى جمهورها المستهدف.
ومع ذلك، فإن للتسويق الرقمي أيضا مجموعة من التحديات الخاصة به. على سبيل المثال لا الحصر، التطور المستمر للمنصات الرقمية وخوارزميات جوجل الدائمة التغيير. كل ذلك يمكنه أن يعيق من قدرة الشركات على مواكبة أحدث الاتجاهات والتقنيات. بالإضافة إلى ذلك، فإن التسويق الرقمي يكون بصورة غير شخصية، وذلك يؤدي إلى صعوبة بناء الثقة مع العملاء المحتملين.
وهنا تجدر الإشارة، إلى أن التسويق وجهاً لوجه والتسويق الرقمي هما طريقتان مختلفتان لترويج المنتجات والخدمات. وبينما يوفر التسويق وجهًا لوجه فرصة لإنشاء اتصال شخصي مع العملاء المحتملين، فإنه يعتبر وسيلة مكلفة ويستغرق وقتًا أطول لتطبيقه. وعلى الجانب الآخر، يوفرالتسويق الرقمي وصولاً ودقة أكبر عند تطبيقه، ولكنه يتم تنفيذه بصورة غير شخصية مع العملاء وهذا يعتبر أحد أوجه القصور الذي ينطوي عليها. وبناء على ما سبق، فإنه يجب على الشركات الأخذ في الاعتبار لكلا من، أهدافها التسويقية وجمهورها المستهدف وميزانيتها المحددة عند اتخاذ القرار بتحديد الطريقة التسويقية التي سيتم استخدامها. وبذلك سوف يتم الجمع بين مزايا كل من طريقة التسويق وجهاً لوجه، والتسويق الرقمي، وهذا هو الحل الأمثل والأكثر فعالية من أجل الوصول إلى العملاء المحتملين، وتنمية الأعمال التجارية.
المزيد من الحملات التسويقية لا يعوض الوتيرة المتباطئة لنمو الصناعة
ليس هناك شك، في أن صناعة الطباعة تعرضت للكثير من التقلبات الاقتصادية المتعاقبة. ولكن النمو البطيء على مدار الفترة الحالية يعد السبب المباشر لقلق العديد من الشركات التجارية. وهو بدوره يعتبر السبب الأساسي في أن عملية تكثيف الأنشطة التسويقية لا تعتبر كافياً لتعويض تباطؤ وتيرة النمو.
كما أن أحد الأسباب الرئيسية لتباطؤ النمو في صناعة الطباعة التجارية هو ظهور الوسائل الرقمية. فمع تحرك المزيد من الشركات نحو التسويق والإعلان الرقمي، فإنه قد انخفضت الحاجة إلى المواد المطبوعة. وكان لهذا التحول تأثير كبير على صناعة الطباعة التجارية، حيث قام العديد من الشركات بتخفيض إنتاجها من المواد المطبوعة مثل، الكتيبات والنشرات الإعلانية، والكتالوجات.
هناك سبب آخر لتباطؤ نمو صناعة الطباعة التجارية، وهو زيادة حدة المنافسة بين الشركات. فمع ظهور خدمات الطباعة عبر الإنترنت وقدرة الشركات على طباعة المواد بشكل داخلي، فقد حاولت العديد من شركات الطباعة التقليدية البقاء في دائرة المنافسة. وقد أدى ذلك إلى انخفاض هوامش الربح وتقليل فرص النمو للعديد من الشركات بصناعة الطباعة.
على الرغم من التحديات التي تواجه صناعة الطباعة التجارية، فإن هناك العديد من الحلول التي يمكن للشركات العمل بها لزيادة النمو والبقاء في المنافسة، وهي تتمثل فيما يلي:
تنويع الخدمات: بالإضافة إلى الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية، فإنه من المتاح للشركات الآن أن تفكر في تنويع محفظة خدماتها، وذلك من خلال تقديم خدمات أخرى، مثل التصميم الجرافيكي، والخدمات البريدية، والمنتجات الترويجية، كمْ يمكن للشركات أن تقوم بتوفير حل شامل لتلبية احتياجات عملائها التسويقية. حيث يمكن أن يساعد ذلك في زيادة ولاء العملاء وجذب أعمال جديدة.
التركيز على خدمة العملاء: مع زيادة حدة المنافسة داخل السوق، فإن الشركات التي تولى اهتمام بجودة الخدمة المقدمة من خلال مركز خدمة العملاء الخاص يمكنها أن تتميز بشكل استثنائي عن جميع منافسيها. وذلك من خلال توفير مستوى عال من الخدمة، حيث يمكنها ذلك أيضا من بناء علاقات طويلة المدى مع عملائها وزيادة احتمالية تكرار عمليات الشراء من قبل المستهلكين والتوسع في نشاطها التجاري.
استهداف الأسواق المتخصصة: بدل من الاتجاه نحو التنافس السعري في مجال سوق خدمات الطباعة عبر الإنترنت، مع مقدمي الخدمة الآخرين، فإنه من الأفضل للشركات أن تقوم بالتوجه نحو الأسواق المتخصصة التي تتطلب خدمات طباعة مخصصة. حيث إن هذه القطاعات مثل قطاع الرعاية الصحية، والتعليم، والمنظمات غير الربحية، ما زالت تشكل مصدر طلب كبير على المنتجات المطبوعة.
وأخيرا وليس آخراً، نستطيع القول إن صناعة الطباعة تعتبر من الصناعات القوية والقادرة على الصمود رغم التحديات والصعاب، ولذلك فإن دور الطباعة تمكنت من رفع مستوى إمكاناتها وآليات عملها والارتقاء إلى المستوى الذي يناسب ظروف الفترة الحالية. فهي بالطبع صناعة تكميلية باقية للأبد!
تعليق واحد