لماذا تتم طباعة كميات جديدة من الليرة فى لبنان؟ وكيف يتم طرحها في السوق؟
يحتوى مصرف لبنان على قسم خاص يقوم بدراسة حاجة السوق الى النقد ويقيم الحاجة الى طباعة أوراق نقدية جديدة وكذلك الفئات التي يحتاجها السوق، وذلك نظراً الى كثرة التداول بها ولكن نادراً ما تطبع كل الفئات معاً. يقيّم مصرف لبنان باستمرار المخزون الذي يملكه ومدى تلبيته لاحتياجات السوق، وذلك حتى يلجأ الى طلب طباعة أوراق جديدة متى صار المخزون لا يكفي وذلك كأية سلعة أخرى في السوق. وهذا التقييم ضروري لأن طباعة العملة عملية تحتاج الى وقت طويل يمتد بين سنة و18 شهراً منذ اتخاذ القرار حتى وصول العملة.
في حالة السوق الطبيعية يقوم المصرف المركزي بدراسة الفئات التي تستخدم أكثر من غيرها، وهنا المؤشر الذي يتم اللجوء إليه هو فحص الأوراق النقدية، إذ إن العملة حين تتداول تصبح مهترئة وممزقة وتعود الى البنوك التجارية التي ترسلها الى مصرف لبنان، فيفحصها عبر ماكينات خاصة وفق معايير محددة لمعرفة ما إذا كانت لا تزال صالحة للتداول، او يجب تلفها لأنها باتت غير صالحة للتداول. بعد فترة يجب وضع كميات مقابلة في السوق للأوراق التي تم تلفها وفق فئاتها، فيعمد مصرف لبنان الى إنزال كمية جديدة من مخزونه او يطلب طباعة هذه الفئات.
مع استنزاف المخزون كان لا بد من طباعة عملة جديدة وضخها في الأسواق لتأمين الحاجة المتزايدة إليها، وان كان ذلك برأي الخبراء يساهم في ارتفاع التضخم ويزيد من عمليات المضاربة والتلاعب بالاموال في السوق. ويقول المتابعون للأرقام التسلسلية للعملة ان مصرف لبنان قد أنزل عملة الى السوق هذه السنة توازي ما أنزله في السنوات العشر الأخيرة، وانه اضطر الى طباعة كميات كبيرة من النقد. ويضيف هؤلاء ان الطباعة لم تعد تستغرق الوقت الذي كانت تستغرقه سابقاً نظراً الى ظهور أرقام متسلسلة جديدة باستمرار. وكان آخر إعلان علني لطباعة العملة في 24 كانون الأول من العام 2019 حيث تناقلت وسائل الإعلام خبر طباعة 9 أطنان من العملة الورقية من فئتي 50 و 100 ألف، تم نقلها بشاحنات للجيش اللبناني من مطار رفيق الحريري الدولي الى مصرف لبنان ليصار بعدها الى ضخها في السوق تدريجياً. واليوم ما يساعد على الإسراع في طباعة العملة انه بات يطلب الى المطابع المعتمدة اعتماد آخر نموذج موجود في السوق للفئة المطلوبة من دون إدخال أي تعديلات عليه، لا في الشكل او اللون اوالتواقيع او سمات الأمان حتى تتمكن المطبعة من تلبية الاحتياجات بسرعة.
أما في الأيام العادية فتتم طباعة العملة لسببين: إما لحاجة السوق الى اوراق جديدة بعد تلف الأوراق القديمة، أو بسبب اتخاذ قرار بتغيير تصميم عملة ما وغالباً ما يتم هذا الأمر مع مجيء حاكم جديد للمصرف المركزي.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل يمكن لمصرف لبنان تحمل تكاليف طباعة عملة جديدة لا سيما وأن الطباعة تتم خارج لبنان وتحتاج الى عملة صعبة باليورو او الدولار؟ وهل ما زال بإمكانه طباعة الفئات الصغيرة التي باتت تكاليفها اعلى من قيمتها؟
للإجابة على هذا السؤال لا بد أولاً من معرفة لماذا تطبع العملة اللبنانية خارج لبنان؟ والجواب هو أن طباعة العملة عملية دقيقة جداً وتحتاج الى معدات خاصة ومتطورة وهي استثمار مكلف جداً. وغالباً ما تقوم الدول الكبرى التي تحتاج الى كميات نقد كبيرة بطباعة النقد لنفسها عبر شركات خاصة، وتقوم بالطباعة لغيرها من البلدان حتى يكون الاستثمار في المطابع مربحاً ويعطي مردوداً مالياً كبيراً. لبنان بلد صغير ولا يحتاج الى كميات كبيرة من العملة كما أنه غير قادر على تأمين التكنولوجيا الحديثة والمتطورة باستمرار للمطابع، من هنا يلجأ في كل مرة الى طباعة عملته في مطابع وبلدان خارجية. التعاقد مع هذه المطابع يتم من خلال دفتر شروط يحدد فيه مصرف لبنان المواصفات ونوعية الورق وسمات الأمان المطلوبة. وتقوم المطابع الدولية بتقديم عروض والفائز بالعرض يتولّى عملية الطباعة. أخيراً كان يتم التعامل مع شركة “غوزناك” الروسية ولكن ليس لطباعة كل الفئات.
ومن الجدير بالذكر أن طباعة 1000 ورقة من اية فئة كانت تكلف المصرف المركزي بين 30 و 45 يورو ويذهب البعض الى القول ان الكلفة تصل الى حدود 60 يورو، وبالتالي فإن طباعة عشر رزمات من أصغر فئة نقدية ورقية لبنانية تكلف 10 بالمئة من قيمتها…