الفرصة البديلة لإنقاذ صناعة النشر والكتاب من تداعيات كورونا
مع بداية 2021، توالى الإعلان عن انطلاق معارض الكتب الافتراضية، في مختلف دول العالم، سواء من خلال منصات لبيع الكتب أو تدشين مواقع مخصصة لذلك، ويأتي ذلك في أعقاب التأثير غير المسبوق لجائحة كورونا على خريطة معارض الكتاب في العالم.
عدد كبير من معارض الكتاب أعلنت تأجيلها خلال 2021، مؤخرا أعلن معرضان دوليان رئيسيان للكتاب، وهما بولونيا ولندن، بتغيير موعد أحداثهما من أوائل الربيع إلى يونيو. فقد قام معرض بولونيا لكتاب الأطفال بتغيير مواعيده من أبريل إلى يونيو المقبل، بينما سيعقد معرض لندن الدولي للكتاب في الفترة من 29 يونيو إلى 1 يوليو وفقًا لمجلة Publishers Weekly.
وفي المنطقة العربية، أجبرت الجائحة العديد من العواصم العربية إلى تأجيل معارض الكتاب بما في ذلك معرض القاهرة الدولي للكتاب المعتاد تنظيمه في يناير من كل عام، ومعرضي تونس والدار البيضاء الدولييْن للنشر والكتاب المعتاد تنظيمهما في فبراير في إطار الجهود الوقائية لمواجهة تفشي عدوى الفيروس. وأعلنت عدد من المؤسسات الثقافية، عن انطلاق معرض إلكتروني للكتاب لإصدارات أكثر من 60 دار نشر مصرية وعربية، لتوفير منصة وربما عدة منصات تسهل مهمة القارئ في الحصول على الكتب التي يرغب في اقتنائها .
ومنذ 3 اسابيع افتتح معرض تايبيه الدولي للكتاب في تايلاند، مما اتاح للقراء الفرصة لتصفح العناوين الجديدة وحضور الفعاليات عبر البث المباشر من منازلهم.
كان من المقرر في الأصل عقد معرض الكتاب لهذا العام سواء بالحضور إلى مقره المعتاد أو عبر الإنترنت اعتبارًا من 4 يناير الماضى. ومع ذلك، قرر المنظمون إلغاء الحضور ، بسبب المخاوف التي أثارتها عدوى سلالة كورونا العنقودية المحلية التي ظهرت في البلاد في وقت سابق من هذا الشهر.
في حديثه في افتتاح معرض الكتاب، قال وزير الثقافة التايلاندي “لي يونج – تي” إن إلغاء الجزء المادي من المعرض كان “قرارًا صعبًا للغاية” لأن العديد من الناشرين والقراء يتطلعون إليه. قال لي على الرغم من أن معرض الكتاب سيكون الآن عبر الإنترنت بالكامل، إلا أنه سيظل رائعًا، وفقًا لمجلة “فوكس تايوان“
على موقع معرض الكتاب، المتاح باللغتين الصينية والإنجليزية، يمكن للقراء معرفة المزيد عن المؤلفين والكتب التي طرحها العديد من الناشرين، بما في ذلك الفائزون بجائزة TIBE للكتاب وجوائز الفراشة الذهبية لهذا العام. ويستطيع القراء أيضًا حضور الندوات الافتراضية، بما في ذلك ندوة ملحقة بمعرض لأكثر من 50 لوحة من قصص المؤلف الإيطالي جياني روداري، الأكثر شهرة في أدب الأطفال.
من المؤكد أن عشاق القراءة سيفتقدون الفعاليات الثقافية ورحلة البحث الممتع عن العناوين الجديدة في أجواء معرض الكتاب الاحتفالية، ولكن المعارض الافتراضية على الأقل توفر فرصة لإنقاذ الموقف بالنسبة لصناعة الكتاب التي تتعرض الآن لأسوأ ظروف تمر بها منذ عقود بدون مبالغة.
ومنذ عدة أشهر قالت هيئة الإذاعة البريطانية في تقرير أعده محرر الشؤون الإعلامية “آمول راجان” إن العديد من العناوين أصبحت رهن الحصار في دور النشر سواء التي تتلقى الدعم من ملاكها الأسخياء الذين لا يبخلون بأموالهم من أجل نشر الثقافة أو دور النشر التي تعمل في ظل نماذج تجارية، فجميعها لا يمكنها تحمل الواقع الذي فرضته أزمة كورونا بعضها يتجه إلى الإفلاس.
وتوقع “راجان” تسارع التحول من الطباعة إلى الكتب والمجلات الرقمية في جميع المنشورات تقريبًا. كما توقع أن تنجو من أزمة كورونا المطبوعات ودور النشر التي تمتلك قدرات رقمية قوية وتستثمر في المنصات. مشيرا إلى أن المطبوعات تعتمد على قدرة المطابع على الاستمرار في العمل وقدرة الموزعين على نقل نسخ الكتب والمطبوعات في جميع أنحاء البلاد؛ وقدرة المكتبات والمنافذ والأكشاك على أن تظل أبوابها مفتوحة لكي يحصل القارئ على الكتاب الذي يرغب في شرائه، علاوة على الانكماش الاقتصادي.
وتكمن أصعب التحديات التي تواجهها صناعة الكتاب في وجوب الاستمرار في دفع التكاليف الثابتة مثل الإيجارات ورواتب الموظفين مع استمرار وباء كورونا.