الإتجاة نحو الطباعة الخالية من الكربون أصبح إتجاها دوليا
جاءت جائحة COVID-19 على شكل هزة شديدة، وخلقت شقوق إجتماعية وإقتصادية أثرت بدورها على المجتمع بشكل لم يسبق له مثيل. ولكن إذا فكرت في الأمر بطريقة أكثر إيجابية، ستجد أن هناك أهتمام متضاعف قد حدث من ناحية شؤن الإهتمام بحماية البيئة. فقد كانت هناك حاجة ملحة للنظر إلى البيئة كإستثمار للمستقبل.
والتحدي الأكبر الذي يواجه الحفاظ على البيئة بشكل عالمى، هو الارتفاع الحاد في انبعاثات الكربون الناتجة عن الصناعة وإستخدام السيارات. ومع تغير المناخ ونسبة التلوث، يتم إعطاء الأولوية القصوى لحماية البيئة مع القيام في نفس الوقت بمبادرات التنمية التي أصبحت ضرورية جدا. ولهذا، قد بدأت الحكومات في جميع أنحاء العالم في تركيز جهودها لكى تصبح بلدانها خالية من الكربون.
وفي أحد الإجتماعات الإفتراضية التى عقدت عبر الإنترنت مؤخرًا، سلطت السيدة/ نادية إبراهيم، رئيسة قسم الاستدامة في Farnek Services، مزيدا من الضوء على أهمية هذه النقطة فيما يخص الحفاظ على بيئة خالية من الكربون.
Farnek هي شركة سويسرية مستقلة لإدارة المرافق الشاملة. تأسست Farnek في الإمارات العربية المتحدة منذ عام 1980، ولديها قسم للاستدامة وتعمل أيضا كفى مجال الخدمات الإستشارية المتكاملة في الشرق الأوسط. وبعض من عملاء الشركة المميزين في الإمارات العربية المتحدة، برج خليفة ودبي مول ومطار دبي وبعض الشركات البارزة في أبو ظبي.
تفخر الشركة بالعديد من الجوائز بسبب مبادراتها في إدارة الطاقة، وإدارة النفايات، وغير ذلك من المبادرات، وقد ذكر السيدة نادية ” نحن شركاء مع Green Globe، وهي هيئة اعتماد دولية خاصة بمجال الضيافة. وتعد إدارة الكربون جزءا لا يتجزأ من استراتيجية الاستدامة الخاصة بنا، والتي بدأناها منذ أكثر من عشر سنوات.
ووفقا لما ذكرته السيدة نادية، فإن فكرة إدارة الكربون تنتشر بسرعة كبيرة داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك داخل الشركات، بما في ذلك مقاييس إدارة الكربون الخاصة بالشركات الكبرى، المشمولة في إجراءات إعداد التقارير البيئية والاجتماعية وكذلك تقارير الحوكمة. ومن الجدير بالذكر أن العديد من المنظمات الصناعات تلتزم بالحد من الكربون بشكل يتسم بالكفاءة، وذلك كجزء من تحقيق هدف الاستدامة والإلتزام بمكافحة تغير المناخ.
ونحن نقوم أيضا بالترويج لهذا المفهوم في صناعة الطباعة، والتي غالبا ما يتم التحدث عنها بسبب انبعاثات الكربون المفرطة الناتجة عن عمليات قطع الأشجار وصولا إلى النفايات الناتجة عن عملية الطباعة نفسها.
كما أن شركة Farnek لديها اتفاقية مع شركة ClimatePartner التى تقع فى ميونيخ، بألمانيا، وهي مزود حلول دولي للإجراءات المتعلقة بالمناخ داخل الشركات، وذلك لتقديم الاستشارات الخاصة بالمجموعة الكاملة من خدمات إدارة الكربون المتولد خلال دورة الحياة، وذلك على مستوى الشرق الأوسط. ووفقا لـ ClimatePartner، فإن ما يصل إلى 25 ٪ من المطابع في أوروبا لديها منتجات طباعة محايدة مناخيا ويتزايد الطلب على هذة المنتجات ليس فقط في أوروبا ولكن في جميع أنحاء العالم.
ولقد لوحظت بالفعل تغييرات مستدامة مع زيادة استخدام الورق المعتمد من FSC (مجلس رعاية الغابات) والذي يأتي من الغابات المدارة بدلاً من الغابات البكر.
تتضمن عملية إدارة الكربون فى صناعة الطباعة ثلاث مراحل، حيث يتضمن ذلك حساب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لعملية الطباعة الكاملة للشركة، وحساب البصمة الكربونية للمنتج فردي، على سبيل المثال، ورقة مكتبية أو كتيب أو كتاب لطلب معين، حيث يتم تعويض الانبعاثات من خلال برنامج معادلة آثار الكربون المعتمد.
العديد من دور النشر المعروفة تطبع العديد من كتبها باستخدام ورق خالى من الكربون ، ومن المؤكد أن هذا الاتجاه آخذ في الازدياد. ويطالب المزيد والمزيد من العملاء بشكل متزايد بمنتجات طباعة خالية من الكربون كجزء من أهداف الاستدامة الخاصة بهم.
وبإختصار، فإن تعريف معاوضة الكربون هو إجراء لموازنة اثار انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن النشاط الصناعي أو التجاري أو البشري، وذلك من خلال المشاركة في المخططات أو المشاريع المستدامة المصممة لإجراء تخفيضات مكافئة لانبعاثات الكربون في الغلاف الجوي. وقد تمت الموافقة على تعويض الكربون من قبل آلية التنمية النظيفة التابعة للأمم المتحدة.
يسمح هذا للبلدان بتمويل مشاريع خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في بلدان أخرى والمطالبة بالانبعاثات المحفوظة كجزء من جهودها الخاصة لتحقيق أهداف الانبعاثات الدولية. وتوضح السيدة نادية، “إن هدف الأمم المتحدة هو السماح للشركات بالقيام بأعمالها ولكن في المقابل تدفع مقابل الأضرار التي لحقت بالبيئة. حيث أن الفكرة الرئيسية للمسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) هي السماح للشركات بمضاعفة أرباحها مع السعي لتحقيق أهداف اجتماعية أخرى. ولقد عقدنا اجتماعات مع العديد من شركات تصنيع اللب والورق في أبو ظبي بخصوص نفس المشروع”.
وقد دخلت Farnek في شراكة مع ClimatePartner، وهي منظمة مقرها ألمانيا تقدم للشركات في جميع أنحاء العالم حلولًا مناخية، من استراتيجيات العمل المناخي وآثار الكربون إلى المنتجات المحايدة مناخياً، وذلك بدعم من المشاريع الخاصة بموازنة آثار الكربون الدولية. وتعمل Canon مع ClimatePartner وتنتج ورق خالى من الكربون.
وقد اختتم الاجتماع بجلسة أسئلة وأجوبة تفاعلية بين السيدة/ نادية إبراهيم ورئيس تحرير مجلة “مي برينتر” الإماراتية، أليكس جهانباني الذي أراد معرفة المزيد عن مدى سهولة دمج إدارة الكربون في صناعة الطباعة والتغليف.
ونستعرض لكم تفاصيل الحوار فيما يلى:
أليكس جهانباني: عملية الطباعة معقدة للغاية في مراحل ما قبل الطباعة والطباعة وما بعد الطباعة. حيث يتعين علينا تصوير الألواح التي تنتقل إلى دور الطباعة، ثم هناك تحبير ، يليه طلاء ، ثم تجفيف. هل عمليتك شاملة وتغطي كل هذه المراحل؟
نادية إبراهيم: لإجراء تقييم كامل لإدارة الكربون، يمكن حساب جميع مراحل الطباعة بدءا من المواد الخام وحتى النفايات الناتجة عن المنتج النهائي. ويتضمن ذلك حساب ثاني أكسيد الكربون من استهلاك المرافق، والانبعاثات لمركبات الشركة، وحوسبة الموظفين، وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من البضائع المشتراة بما في ذلك الأوراق والأحبار والمواد الكيميائية الأخرى وما إلى ذلك.
ويعتمد الحساب على متطلبات GHG & ISO 14064، حيث يغطي الإنبعاثات الصادرة من النطاق 1 والنطاق 2 والنطاق 3. ويقيم النصيب المقرر أيضا البصمة الكربونية لكل نشاط ويحدد الأنشطة التي تخلق أعلى انبعاثات الكربون ويقدم المشورة حول الحلول المحتملة للحد منها.
أليكس جهانباني: عملية صنع الورق العادية تتضمن المزيد من الكربون مقارنة بالورق المعاد تدويره. ومع ذلك، فيما يتعلق بالأحبار هناك العديد من العلامات التجارية والمتنوعة مثل الأحبار القائمة على المذيبات والأشعة فوق البنفسجية والأحبار المائية. وأثناء الطباعة بسبب تعقيد العملية برمتها، من المستحيل الاحتفاظ بانبعاثات صفرية. ما هو رأيك في ذلك؟
نادية إبراهيم: الانبعاثات الصفرية هي الهدف النهائي ولكن هذا ليس هدفًا واقعيا. ويتمثل المفهوم الكامل لإدارة البصمة الكربونية في تحديد انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الحالية والتركيز على تقليلها من خلال تحسين الأنشطة بالطريقة الأكثر استدامة. ومع ذلك ، لا مفر من الانبعاثات لأن الأعمال التجارية يجب أن تعمل. ومن أجل الالتزام والعمل البيئي الأسمى،يمكن جعل انبعاثات التوسيع محايدة من خلال دعم مشروع منخفض الكربون من خلال موازنة آثار الكربون.
أليكس جهانباني: هل هناك أي مشروع لموازنة آثار الكربون يتم تنفيذه في الإمارات في الوقت الحالي؟
نادية إبراهيم: نعم. تمتلك هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) إعتمادات خفض الانبعاثات (CERs) الخاصة بها من مشروع Chiller Station L من خلال اعتماد آلية التنمية النظيفة (CDM)، وكانت Farnek أول شركة تشتري هذه الاعتمادات التعويضية. ومن خلال هذه الاعتمادات، قمنا بدعم العديد من الفنادق والمؤسسات لتعويض الفعاليات وسفريات العمل، وذلك في محاولة نحو حيادية الكربون في الإمارات العربية المتحدة.
أليكس جهانباني: يبدو لي أن تحقيق انبعاثات الكربون الصفرية هو هدف مثالي وليس شيئا يمكن تحقيقه على المدى القصير أو حتى على المدى المتوسط؟
نادية إبراهيم: بالضبط هوهدف طويل الأجل ولكن لتحقيق الأهداف يجب على المنظمات تحديد أهداف قصيرة ومتوسطة المدى لتقليل انبعاثات الكربون تدريجيا. ويجب أن يبدأ هذا بتقييم بصمتهم الكربونية وتخطيط أهداف الحد.
حتى بعد التخفيض المحتمل، لا يزال هناك قدر من انبعاثات الكربون لا بد من حدوثها حيث لا يمكننا إغلاق العمليات التجارية تماما. وهذا هو المكان الذي يلعب فيه برنامج موازنة الكربون، حيث يمكن للمنظمات معاوضة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمشروع موازنة الكربون وبالتالي خلق توازن في انبعاثات الكربون العالمية.
أليكس جهانباني: إذن، فإن الموازنة الكربونية تنطبق على دور الطباعة أيضًا؟
نادية إبراهيم: بالتأكيد، يمكن تحقيق معاوضة الكربون من خلال أي عمل تجاري أو لأي منتج معين. وتتمثل الخطوة الأولى في هذا الاتجاه في حساب كمية الكربون المنبعثة سنويا من أنشطة الطباعة أو إجمالي الكربون لمنتج طباعة معين حيث يمكن القيام بذلك من خلال برنامج حاسبة الكربون المعتمد مثل البرنامج الذي توفره Farnek.
وبمجرد حساب إجمالي الكربون بالأطنان، يتم تعويض ما يعادل ذلك من خلال أي مشروع لتقليل الكربون عن طريق دفع مبلغ محدد لكل طن. ومع ذلك، يعد هذا نشاطًا تطوعيًا ولكن الشركات تقوم بذلك بشكل متزايد لتقليل بصمة الكربون وأيضًا كنوع من مبادرة المسؤولية الاجتماعية للشركات، لأنه غالبا ما تكون المجتمعات في العالم النامي هي التي تستفيد من هذه المشاريع.