تسعى مجموعة من العلماء لتطوير تقنية جديدة لصناعة الأدوية قد تشكل ابتكار ثوري من خلال طباعة الأدوية بطابعات ثلاثية الأبعاد.
مع تقدم العمر وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض المزمنة، يتزايد عدد الذين يتناولون حبوبًا متعددة لعلاج حالات مرضية مختلفة، ويلاحظ أن بعض كبار السن كثيرا ما يحملون حقيبة أدوية صغيرة تكون فيها علاجات مختلفة يتناولونها على مدار اليوم.
وإذ يشكل تعدد الأدوية وتعدد أوقات تناولها إزعاجا أو حتى صعوبة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من النسيان والتشتت، سيكون من المريح والآمن أن يأخذ الناس حبة واحدة فقط في اليوم، توفر كل الأدوية المناسبة في وقت مناسب وبجرعة مناسبة.
وهذا ما ناقشه الباحث بالهندسة الكيميائية سمويل فادوداريا في مقاله بموقع كونفرزيشن، إذ اعتبر تكنولوجيا طباعة الأدوية بطابعات ثلاثية الأبعاد يمكن أن تشكل حلا لهذه المشكلة، فبإمكانها إطلاق الأدوية في الجسم بطريقة ذكية عبر احتوائها على طبقات عديدة، فبعد إطلاق الدواء الأول، تنكشف القشرة التالية من الحبة، ثم تذوب، وتطلق دواءً مختلفًا. ويستمر ذلك حتى تتم إذابة الحبة بأكملها.
لكن هذه التقنية الدوائية لن تفيد سوى عدد محدود جدا من المرضى، إذا تم إنتاجها بكميات كبيرة، فكل مريض يحتاج لحبات متعددة خاصة به تناسب الأدوية التي يحتاجها ومواعيد تناولها ونظامه الغذائي الذي يصفه الطبيب والصيدلي ليتلاءم مع حالته الصحية.
وتساعد الطباعة ثلاثية الأبعاد للأدوية في إنتاج عقاقير خاصة لأشخاص بأعينهم، ما يحسّن فعالية العلاج وكفاءته ويقلل من الآثار الجانبية عبر التحكم في المكونات بدقة لتناسب كل مريض على حدة، وهو ما قد يجعل الوصفات العلاجية المستقبلية عبارة عن مقادير علاجية محددة يمكن طباعتها في الصيدليات أو حتى في المنازل بشكل فوري، الأمر الذي من شأنه أن يغير من صناعة الدواء ويشكل ثورة في النظام الصحي الحديث.
ولكن ذلك لا يعني أن شركات الأدوية لن تكون لها أهمية، فمن المتوقع أن تكون سبّاقة في هذا المضمار. وبدأت شركة (Merck) الرائدة في العلوم والتكنولوجيا بالفعل في شراكة لإنتاج معدات تصنيع الأدوية المطبوعة بالتقنيات ثلاثية الأبعاد، واعتبرت أن إنتاج العلاج في المستقبل سيعتمد على تكنولوجيا أكثر مرونة وأقل مركزية.
ومع ذلك فهناك العديد من التحديات أمام هذه التكنولوجيا الواعدة، إذ يثير باحثون في علم الأدوية والصيدلة شكوكا حول كفاءة العلاجات المنتجة بهذه التقنية الجديدة، كما يحذر قانونيون من إمكانية إنتاج الأدوية بطريقة غير شرعية وبلا ضوابط صحية، بما في ذلك الأدوية المخدرة والمضادات الحيوية.
وتمت الموافقة بالفعل على دواء مطبوع ثلاثي الأبعاد من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، لكنه ليس حبة متعددة، فالحبة التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء (FDA) مصنوعة من عقار قابل للذوبان في الماء، لكن العديد من الأدوية غير القابلة للذوبان في الماء ستكون أمامها تحديات إضافية لضمان امتصاص الجسم لها، وهو ما ينطبق أيضًا على الحبة المتعددة.
وعلى الرغم من إجراء الكثير من الأبحاث بالفعل، فإن هذا الشكل الجديد لإنتاج الأدوية ما زال أمامه طريق طويل، ولا سيما أنه يتطلب موافقة الجهات الصحية والرسمية، وتستغرق هذه الموافقات سنوات بعد اجتياز التجارب السريرية.
ربما في غضون 5 سنوات، سيحصل البعض منا على وصفة طبية لأقراص متعددة شخصية مصنوعة باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد في الصيدليات المحلية. وسيأخذ الأشخاص الذين يعانون من حالات متعددة حبة واحدة مطبوعة ثلاثية الأبعاد في اليوم بدلاً من عدد كبير من الحبوب ينبغي أخذها في مواعيد محددة.