أعتقد أن مجتمع التصميم الذي أنتمي إليه، يجب أن يتبنى الطباعة الرقمية كأداة جديدة للتصميم فى الوقت الحالى. كما أتوقع أيضًا أن تقوم الشركات المزودة بمعدات الطباعة بمخاطبة هذا المجتمع، أو الجمهور المستهدف، وذلك من خلال تلبية احتياجاتهم بالأدوات اللازمة لتحقيق ذلك بشكل فعلى.
وإذا تحدثت من وجهة نظر مُخرج فنى ينظر إلى العالم من خلال عدسة إبداعية، فإننى أستطيع القول أن الطباعة بالنسبة لي هى وسيلة لتحقيق غاية، كما أننى قد أحببت مجال الطباعة وفقا لذلك. لكنني كنت مترددة تجاه ذلك، حيث شعرت أنه يجب علي التنازل عن أفكاري الإبداعية للحصول على أفضل النتائج من المنتجات المطبوعة، سواء كان ذلك بسبب إختيار اللون أو قيود الإنتاج، فقد كان كلا منهم عاملاً مقيِدًا.
بالإضافة إلى إننى على مدار العقد الماضي، قد حظيت على شرف إدارة العمل الإبداعي الذي قامت به إتش بى إنديج، وقد أصبحت على دراية وثيقة بالطباعة الرقمية. لقد وقعت فى حب هذا المجال! لأنه قد مكنني من الوصول إلى آفاق جديدة من الإبداع والمزيد من حدود الخيال الإبتكارى، بدلا من التقيد بأفكار معينة. كما إننى اكتشفت أن الطباعة الرقمية هي أفضل وأحدث وأكثر أدوات التصميم إثارة، فهى تعتبر فرشاة التلوين الجديدة ولوحة الألوان وصندوق الأدوات الخاص بي الذى يساعدنى فى إنجاز عملى بالشكل الذى أرغبه.
إستخدام الفرشاة الهوائية من أجل اليوم والغد
يذكرنا تطور الطباعة الرقمية بظهور الفرشاة الهوائية الحديثة، فقد ظهرت لنا فجأة تقنية جديدة لطباعة الحبر على الورق، وكان من السهل تعلمها وإستخدامها، كما أنها سرعان ما أصبحت شائعة الإستخدام. وقد كانت هذة الخطوة بمثابة بداية لنموذج فنى جديد بشكل كلى. وقد أنتقلت هذة الخطوة بمستوى واقعية الصورة وجودة نسخها إلى مستوى جديد تمامًا، حيث يمكن للطباعة الرقمية أن تفعل ذلك بكل سهولة، وأن تكون الفرشاة الهوائية الجديدة لمجتمع تصميم رسوم الجرافيك، حيث أنها تعتبر نقلة جديدة تستطيع أن تزيد من إمكانيات عالم التصميم بكل سهولة.
وهذا التغيير لم يمتد إلى المصممين وعالم التصميم فقط، بل أن سلوك وإحتياجات العملاء أيضا قد تغيرت، وكذلك متطلبات التسويق والعلامات التجارية الخاصة بهم، وهذا بدوره أدى إلى تغير مواصفات المنتجات الخاصة بنا. وفى الوقت السابق، كانت العلامة التجارية تستند إلى الاتساق مع الأساس المنطقى النفسي وهو أن الألفة ستؤدي إلى التعرف على العلامة التجارية ومن ثم تفضيلها وشراء المنتجات التى تحمل هذة العلامة. فعلى سبيل المثال، عندما كان يذهب الجيل الذى أنتمى إلية، المسمى بالجيل إكس إلى السوبر ماركت ويرى العلامات التجارية التي لا تعد ولا تحصى على الأرفف، كانت أيدينا تمتد بشكل تلقائى إلى المنتجات المألوفة بالنسبة لنا، والتي كانت تبدو كما هى ودون تغير، حيث أنها كانت تذكرنا بمنزلنا وبالأمان والمعرفة الجيدة بمواصفات المنتج.
ثم جاء جيل الألفية، الذين نشأ على الإهتمام بالخدمة الشخصية، حيث كان كلا من عامل الامان، والمعرفة الجيدة بمواصفات المنتج لا يمثلوا أهمية كبيرة بالنسبه له، وكذلك عامل الالفة، بل كانوا يعتبروه امرا مملا بالنسبة لهم، حيث لا يرى جيل الألفية نفسه على أنه “جزءًا من الجمهور”، بل يفضل أن يُنظر إليه على أنه “فريد من نوعه”. كما أنهم يتوقعون من أصحاب العلامات التجارية معاملتهم بشكل فردى من خلال عرض منتجات محددة خاصة بهم تتناسب مع رغباتهم وتطلاعتهم. فقد أصبح أيضا عامل تحقيق الإستدامة يمثل إحدى المشكلات التى تواجه المنتجين، وبشكل عام لم يعد الإنتاج بكميات كبيرة أوعمل الإعلانات التقليدية أمرا يستطيع أن يقلل من هذة المشكلة. وإستجابة لذلك، بدأت الأقسام الخاصة بالتسويق داخل الشركات، وكذلك ووكالات الإعلان في تطوير حملات أكثر استهدافًا بإستخدام أساليب “التنشيط” وذلك للوصول إلى هؤلاء المستهلكين الجدد وجذبهم، ولكن بشكل عام، كانت هذة الإعلانات تفتقد إلى اللمسة الشخصية ومخاطبة هذا الجيل على وجه التحديد. فمن المؤكد أن جيل الألفية، الذي نشأ مع إستخدام الإنترنت، معتاد بشكل أكثر على مشاركة البيانات الشخصية وذلك من اجل تبادل المحتوى. حيث أن هذا الجيل يسعده المشاركة إذا كان هذا يعني أن العلامة التجارية ستتعرف عليهم متطلباته بشكل شخصى. كما يتوقع من أصحاب العلامات التجارية استخدام هذه البيانات لتقديم المنتج الذى يتناسب مع إحتياجاتهم وطبيعة شخصيتهم.
والآن يأتى الجيل Z الذي هو أكثر خبرة بالإنترنت ويستخدمه بكل الطرق الممكنة حيث تعتبر التكنولوجيا بالنسبة له مثل الهواء الذى يتنفسه، وتعتبر أمر مفروغ منه بالنسبة له. وقد أفادت أحد التقارير الحديثة الصادرة عن شركة سيلز فورس الأمريكية أنه “على الرغم من أن الغالبية الضئيلة من المستهلكين لا يزالون حذرين من نوايا الشركات، وذلك عندما يتعلق الأمر بتسليم البيانات الشخصية، فإن الجيل Z وجيل الألفية هم أكثر قدرة على تحمل هذا الخطر، طالما إنهم يحصلون على شيء فى مقابل ذلك. والسؤال الذى يطرح نفسه الآن هو، كيف يمكن لأصحاب العلامات التجارية أن يقدموا للعملاء المنتج المناسب لهم فى السوق الاستهلاكية فى الوقت الحالى؟ والجواب النهائي على هذا السؤال هو: بواسطة الطباعة الرقمية! حيث تسمح لنا الطباعة الرقمية بالتحكم في البيانات الموجودة على أى منتج مطبوع وكذلك تغييرها، وذلك باستخدام المعلومات التي يقدمها لنا المستهلك لجعل مواصفات المنتج أكثر ملائمة بالنسبة له.
معالجة الفجوة بين الفكرة وإمكانية تنفيذها
في الوقت الحالي، توجد فجوة بين الفكرة وبين ما يمكن تنفيذه فى عالم التصميم بشكل فعلى. حيث أنه في معظم الحالات لا يزال المصممون، غير مدركين لإمكانيات التكنولوجيا الرقمية، مما يجعلهم يقومون بالتصميم، مع عدم الإلمام بتقنيات الطباعة الجديدة التى يمكن إستخدامها لطباعة هذة التصميمات. بالإضافة إلى أخذهم فى الإعتبار لقيود الألوان، وبالتالى فإنهم لا يستخدمون الأدوات الرقمية التى تكون متاحة لهم والتى من الممكن أن تساعدهم فى تحسين تجربة العلامة التجارية الخاصة بهم. كما ان موفرى خدمات الطباعة هم الذىن يكون لديهم الإمكانية لسد هذة الفجوة، حيث يمكن لشركات الطباعة التى تمتاز بالإستباقية، والمرونة أن تساعد عملائها على تحقيق نجاح تسويقي هائل من خلال تزويدهم بأدوات التصميم الجديدة.
ولقد عملت بشكل سابق مع إحدى فرق العمل التى كانت قائمة بتطوير مثل هذه الأدوات وكان لي شرف التعاون مع العلامات التجارية العالمية الكبرى التي استخدمت هذه الأدوات لتقديم حملات مذهلة ومؤثرة. حيث قامت الطباعة الرقمية بتمكين المنتجات نفسها من أن تصبح بمثابة وسيلة إعلام. وكانت الحملة الأولى بالتعاون مع كوكاكولا دايت في إسرائيل.
2 مليون زجاجة كوكاكولا دايت مختلفة
كانت شركة كوكاكولا فى إسرائيل تتطلع إلى زيادة مبيعات كوكاكولا دايت، وكان مدير العلامة التجارية الخاص بالشركة، وهو شاب مبتكر من جيل الألفية يبحث عن شيء جديد ومختلف. وبعد أن اختبرت قوة الطباعة الرقمية من خلال حملة “شارك كوكاكولا” التى تم إطلاقها فى صيف 2014، والتى كسرت حواجز الإنتاج الضخم المخصص، أدركت أن النتائج المذهلة للحملة أشارت إلى حاجة أو رغبة واضحة للعملاء. ثم تواصلت مع فريق التسويق لدينا وكان موجز الحملة كما يلي: نحتاج إلى مليوني زجاجة، كل واحدة مختلفة عن الأخرى، لا يهم فقط كيفية الإحتفظ بالشعار والمكونات كما هي، بل يجب أن يكون كل شيء جاهزًا في غضون شهرين”.
وبجهود مشتركة بين فرق البحث والتطوير والتصميم، توصلنا إلى إتش بي سمارت ستريم وهي خوارزمية تعالج نتيجة التصميم. حيث أنها عبارة عن مكون إضافي لبرنامج ادوبى كرييتيف كلاود وهى أداة سهلة الإستخدام، حيث أن الوصول الى النتيجة المطلوبة لا يمكن أن يحققها العمل اليدوى. والآن، كيف تعمل الخوارزمية؟ باختصار، يوفر المصمم “النموذج الأساسى” وتقوم الخوارزمية بمعالجته في نتائج مختلفة في كل مرة تتم فيها طباعة الصفحة، وذلك دون أى تكرار. وقد استغرق عمل هذا التصميم أسبوعين، مع إنشاء 23 نموذج أساسى من أجل تحقيق مليوني تصميم فردي مختلف. وبذلك فقد سمحت الطباعة الرقمية بتحول سريع وكان المنتج متاح فى المتاجر في الوقت المطلوب.
حملة الحفاظ على الأفيال
فى هذاالمثال الثانى، الذى يتمثل فى الحملة المفضلة بالنسبة لى، قد تم إستخدام نفس الخوارزمية وتكنولوجيا الطباعة الرقمية لدعم هدف أكبر، ألا وهو “التسويق القائم على السبب”.
على تغيير الطريقة التي يتم بها إنشاء تجارب المستهلك وذلك بشكل Z “يعمل جيل الألفية والجيل
مستمر، أيضا يلعب التسويق القائم على السبب دورًا كبيرًا في هذا التغيير. ويجب على أصحاب العلامات التجارية والمسوقيين إيجاد سبب للتأثير على هذه الأجيال. “وقد تم الانتهاء من ذلك من خلال العديد من الأبحاث التسويقية. ومثال على ذلك ما حدث من قبل آمارولا، وهي علامة تجارية للمشروبات الكحولية فى جنوب إفريقيا، حيث أنها قامت بإطلاق حملة “إنقذوا الأفيال”، حيث كان تم صيد الأفيال بلا هوادة من أجل العاج، وقد قامت بدعم هذة القضية منذ البداية وإتخذت من صورة الفيل شعارا لها وقامت بوضعه على الملصقات الموجودة على الزجاجات.
ومن خلال إستخدام أداة إتش بي سمارت ستريم موزيك، قمنا بإنتاج 400000 ألف ملصق مختلف ووضعه على الزجاجات التى توزع للمتاجر. وقد تم إنتاج نموذجيين أساسيين وتم التعامل مع الباقي بواسطة الطباعة الرقمية والبرمجيات. وفى مقابل كل زجاجة يتم شراؤها، تتبرع آمارولا بثمن زجاجة أخرى للمؤسسة التى التى تعتبر شريكا لها.
وبهذا فقد أتاحت الطباعة الرقمية لهذة الرسالة العاطفية التى تحمل فى طياتها مشكلة كبيرة، أن تصل إلى المتاجر، حيث أن الملصق الموجود على كل زجاجة يمثل وجود فيل حقيقى من الأفيال التى يتم إصطيادها. وذلك كما هو الحال فى حملة كوكاكولا دايت، حيث تم توصيل الرسالة إلى جيل الشباب من خلال العلامة التجارية بواسطة المنتج، وكانت الرسالة مدعومة بحملة 360 درجة التي أدت إلى إرتفاع مشاركة المستهلك وقيمة العلامة التجارية إلى أعلى مستوى لها.
كما أننى أستطيع تلخيص ما سبق فى إنه “تزدهر الأسواق الإستهلاكية اليوم بفضل إتصالات العلامة التجارية الشخصية أو الفردية، ومع ذلك، لا تزال العديد من العلامات التجارية مشوشة بسبب هذا التغيير الأساسي في سلوك العملاء، وبسبب آلية التأثير على سلسلة التوريد الخاصة بهم. حيث تمتلك دور الطباعة نفسها مفتاح إمكانات الطباعة الرقمية الجديدة ولكنها لا تشارك فعليًا في محادثات إستراتيجية التسويق مع أصحاب العلامات التجارية أو مصمميها، وبالتالي تظل الفجوة قائمة! ومن الجدير بالذكر، أن مجتمع التصميم يتمتع بفرصة حقيقية لإطلاق العنان للتحول الرقمى الذى يعتبر بمثابة “الفرشاة الهوائية” الجديدة التى تستخدم لإنشاء حملات متعددة القنوات، كما أنها تمتاز بالجمال والفردية التى تمكنها من إطلاق نوع جديد من التسويق.
ونود أن أذكر أيضا، أنه في معرض دروبا 2021، سوف يشهد الزائرين والمشاركين عالمًا من الإمكانات الغير محدودة، وذلك من خلال زيارة المعرض والتطلع إلى المستقبل.
عن المتحدث:
هادار بيليد فايسمان، وهى مديرة فنية دولية مستقلة تساعد العلامات التجارية على تحسين تواصلها بشكل أساسي من خلال إضفاء الطابع الشخصي والفردى. وهي تعتقد أن ذلك سيرفع من أهمية الشركة في العالم الرقمي.