تنتظر المطابع العاملة في مصر سواء الحكومية أو الخاصة كل عام مناقصة تطرحها وزارة التربية والتعليم لطباعة الكتاب المدرسي، على أمل تحريك مكينتها وإنعاش ايراداتها المالية التي انخفضت متأثرة بالتطور التكنولوجي، ولكن بعد قرار وزير التربية والتعليم طارق جلال شوقي إسناد حق طباعتها بالأمر المباشر لأحد دور النشر الكبيرة “نهضة مصر” أسفرت عن عزوف عدد كبير من أصحاب المطابع عن المشاركة بها، والاتجاه إلى إغلاق مطابعهم.
وقال أحمد جابر رئيس غرفة الطباعة والتغليف باتحاد الصناعات، إن حركة طباعة الكتاب المدرسي كانت تنعش المطابع المصرية من القطاعين الخاص والحكومي، لكن الوضع الان اصبح صعبا، فكتب السنوات الدراسية من أولى حضانة وحتى الرابع الابتدائي تستحوذ على حقوق تأليفها وطباعتها منفردا دار نهضة مصر، بينما تتوزع طباعة باقي الكتب من الفصول الدراسية السادس الابتدائي حتى الثالث الاعدادي على باقي المطابع العاملة في مصر، وسط تراجع في كميات المطبوعة لتلك المراحل الدراسية إذا انخفضت بنسبة 10% العام الجديد عن العام الماضي.
السابقة الأولى من نوعها انفراد بحقوق الطباعة والتاليف:
وتابع” جابر”: “سبق وان قدمنا اعتراضنا لوزارة التربية والتعليم على إسناد حقوق طباعة وتأليف الكتاب المدرسي حتى الصف الرابع الابتدائي لدور نشر واحد وهي سابقة لأول مرة تحدث على الإطلاق”.
واضاف، “منذ استحواذ دار نهضة مصر على طباعة الكتاب المدرسي بدأت ممارسة عمليات احتكارية، ظهرت بوضعهم شروط مجحفة على المطابع التي ترغب في شراء حقوق طباعة الكتاب المدرسي منهم، شملت إضافة نسبة خصم جودة 10% وهي التي يتم تحصيلها عند عدم التزام المطبعة بضوابط طباعة الكتاب المنصوص بالإضافة إلى 3% تفرضها وزارة التربية والتعليم في الأساس”.
واستطرد،”طلبنا من وزارة التربية والتعليم بعدم إسناد طباعة و تأليف الكتاب المدرسي لدور نشر محددة بالأمر المباشر لما يسببه من ضرر بالغ على الإيرادات المالية للمطابع وفقدان العاملن بها وظائفهم، أو العودة لما كان يحدث سابقا بفصل الطباعة عن التأليف وكلا منهما يصبح له مناقصة خاصة، ولكن لأول مرة الوزارة تظهر تعنت مع أصحاب المطابع وترفض اي مقترحاتهم.”
تخوفات من احتكار الطباعة :
ويتخوف عدد كبير من أصحاب المطابع أن تتوغل دار نهضة مصر في طباعة الكتاب المدرسي في السنوات القادمة، وتستحوذ على تأليف وطباعة حقوق الكتب المدرسية لكافة السنوات الدراسية وتحتكرهم معا، وهو ما يغلق عدد كبير منهم، ويسرح عمالهم.
واضاف، “بالرغم من أن طباعة الكتب المدرسية موسمية، إلا أنها كانت ترفع من حجم استثمارات المطابع باستحداث ماكينات لتوسيع طاقتها الانتاجية وتوفير مزيد من فرص العمل لشباب، ولم تقتصر حركة الانتعاشة الاقتصادية التي تحدثها تلك المناقصة فقط على المطابع بل شملت العاملون في سوق الورق والاحبار”.
وانخفض عدد الكتب المدرسية التي توزع طباعتها على المطابع العاملة في مصر دون دار “نهضة مصر” من 2 مليار كتاب سنويا في العام إلى 1 مليار حاليًا، بينما تستحوذ دار نهضة مصر على طباعة كتب بأضعاف تلك الأرقام بحسب” جابر”، وهو ما يجني ارباح ضخمة لها بجانب حقوق التأليف التى يتم التعاقد عليها سنويًا وليس لمرة واحدة.
وألمح طارق جلال شوقي وزير التربية والتعليم ، في عدة تصريحات إلى المصاريف الضخمة التي تنفقها الدولة على طباعة الكتاب المدرسي سنويا والتى وصلت إلى أكثر من مليار جنيه دون أن يستفيد منه الطالب، وضرورة التوسع في الاعتماد على التابلت التعليمي، وبداء إدخال التابلت التعليمي للمرحلة الثانوية وتقليل الاعتماد على الكتاب المدرسي.
الاعتماد على التعليم الالكتروني
وقال”جابر”،” أجرينا العديد من الأبحاث عن الدول التي سبقتنا في تطوير التعليم ولم نجد أي دولة منهم تخلت عن الكتاب حتى من وصلت نسبة اعتمادها إلى 100% على الوسائل التكنولوجية لم توقف طباعة الكتب، أما عن عدم استفادة الطلاب من الكتب المدرسية هذا يعود إلى ضعف المحتوى وليس الطباعة”.
واستكمل،” اقترحنا على الوزير تقليل تكلفة طباعة الكتاب المدرسي على الوزارة، منها إعادة تدوير الكتب القديمة، والاستفادة منها أو توزيعها على المكتبات.”
وتراجع أعداد المطابع المشاركة فى مناقصة طباعة الكتاب المدرسي في العام الجديد إلى 58 مطبعة من 78 مطبعة العام الماضي، وهي إعداد ضعيفة مقارنة بالاربع سنوات الماضية التى كانت تصل اعداد المطابع المشتركة إلى أكثر من 120 مطبعة منهم 10 إلى 20 مطبعة من المطابع الحكومية.
الخسائر تلحق بالمطابع الحكومية :
وقال ” جابر”، ” أصحاب المطابع اضطروا للمشاركة في مناقصة هذا العام حتى لا يضروا للاغلاق نهائي، لكن هناك تأثير سلبي ملحوظ على المطابع منهم 50 مطبعة قطاع خاص أغلقت بالفعل من تداعيات انفراد دار نهضة مصر بطباعة الكمية الأكبر من الكتب، كما تأثر إيرادات المطابع الحكومية التى كان يصل عددها إلى 20 مطبعة في المناقصة أمثال مطابع الهيئة القومية الصحف والمطابع الاميرية بعدما كانت تستحوذ طباعة الكتاب على نسبة الأكبر من ايرادتها.”
وقال نديم الياس رئيس المجلس التصديري للطباعة والتغليف، إن هناك قرار وزارة من التربية والتعليم بإسناد عملية طباعة الكتاب المدرسي لمن قاموا بتأليفها، لانها ترى ان تكلفة ستقع عليها اقل.