بقلم أيمن علي، مدير التسويق الإقليمي الأول لدى كانون الشرق الأوسط
بعد مرور عام كامل من بالإضطرابات التى أحدثها فيروس كورونا فى جميع جوانب حياتنا، فقد أستطاعات الشركات والأعمال التجارية بمختلف أنواعها أن تجتاز تلك العاصفة التى حدثت مع بداية عام 2020، ولم تخطر ببال أحد. والحقيقة أنه لا يزال التركيز اليومي لمعظم أصحاب الأعمال وقادة العمل هو الحفاظ على الاستمرارية، مع التركيز على التعافي على المدى المتوسط الأجل. ولكن مع طرح اللقاحات الجديدة الواعدة بالعودة التدريجية للحياة، فإن الحالة العامة على جميع الأصعدة آخذت في التغيير، ويمكننا أخيرًا أن ننظر إلى الأفق والجوانب الحياتية المختلفة من منظور آخر، ونجرؤ على تخيل الوقت الذى ينتهى فيه الوباء، وتتمكن جميع الأعمال أن تعود إلى حالة الإنتعاش.
وبالرغم من إننى أفضل أن أترك الحديث عن تنبؤات الاقتصاد الكلي للخبراء، إلا إننا جميعا يمكننا أن نتفائل حيث أن Harvard Business Review قد أعلنت أن 14٪ من الشركات تزيد بشكل فعلى من ناحية الإيرادات وهوامش الربح، على الرغم حدوث إنكماش فى جميع القطاعات فى الفترة السابقة. وبذلك يتضح أمامنا،أن هذه الأزمة مثل غيرها من الأزمات التي سبقتها، قد عجلت من فرص النمو للشركات ذات السلوك الإيجابي التى تتمتع بفهم جيد لما يحتاجه عملاؤهم ويريدونه.
فرص غير متوقعة للوصول إلى عملاء جدد
لا شك أن جميعنا مستهلكون للعديد من المنتجات، وقد شاهدنا كيف غيّر الوباء من الطريقة التي نعيش بها وأيضا من الطريقة التى نعمل ونتسوق ونتواصل اجتماعيا بها. وقد أجبر هذا التغيير الجذري العديد من الشركات من جميع الأحجام على الابتكار بشكل سريع، حيث كان عليهم تبني نماذج أعمال جديدة، وابتكار عروض منتجات وخدمات جديدة، والتفكير بشكل مختلف في استراتيجيات الدخول إلى السوق.
وقد حقق التحول الرقمي قفزة نوعية، حتى بالنسبة لأكثر الأشخاص مقاومة للتكنولوجيا. فعلى سبيل المثال ، لقد لعبنا جميعا دور في التحول الغير مسبوق نحو التسوق عبر الإنترنت، مما أدى بدوره إلى زيادة التجارة الإلكترونية بنسبة 26.3 في المائة في عام 2020.
وقد أفادت التقارير فى هذا الصدد، أن هناك زيادة حدثت بنسبة 300٪ في الطلب على خدمات التجارة الإلكترونية في الإمارات العربية المتحدة خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2020. وفي مايو 2020، كان لقطاع التجارة الإلكترونية أكبر عدد من التراخيص الصادرة في الدولة من بين الشركات الأخرى. وقد ذكر المحللون إن هذة الزيادة فى حجم الطلب مدفوعة من قبل جيل الألفية الذين يمثلون أكثر من 45 في المائة من المتسوقين عبر الإنترنت، وذلك، بالتزامن مع زيادة اتجاه التسوق عبر الإنترنت التى تزيد بنسبة ستة في المائة سنويًا. وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن ينمو التسوق عبر الإنترنت للسلع الأساسية، مثل البقالة بنسبة 30 في المائة سنويًا بحلول عام 2025.
وأود أن أذكر أنه قد ظهر ما يسمى بـ “اقتصاد الطرود” وأصبح حقيقة من حقائق الحياة، ومن المحتمل أن يكون له تأثير دائم على عادات التسوق لدينا، وكذلك على المجموعات الديموغرافية التي كانت تتجنب الإنترنت سابقًا. ومن الواضح أن هذا قد أفاد الشركات العملاقة مثل أمازون وغيرها، ولكنه أيضا خلق فرص غيرمتخيلة لآلاف الشركات الصغيرة والمبدعين والمنتجين الذين تمكنوا من الاستفادة من قوة البيع عبرالإنترنت والوصول إلى عملاء جدد من خلال تقديم خدمة توصيل السلع والمنتجات إلى منازلهم.
تغير أولويات المستهلك وفقا للإعتبارات الشخصية والمحلية ةالأخلاقية
إن أولوياتنا الاستهلاكية التى تغيرت على مدار الفترة السابقة نتيجة لحدوث الوباء، قد زادت من فرص نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة. حيث اننا خلال هذه الفترة التي قضيناها في منازلنا ومناطقنا أدت إلى تحفيزنا على الشراء أخلاقيا ومحليا حيثما أمكن، بالإضافة إلى دعم الأعمال التجارية في قلب مجتمعاتنا، ويبدو أن هذا السلوك سيستمر. فقد اشارت تقارير مجموعة بوسطن الاستشارية، ان 41 في المائة من المستهلكين يعتزمون القيام بالمزيد من عمليات الشراء المزيد بشكل محلى فى الفترة القادمة المستقبلية
ومن الجدير بالذكر أننا قد أصبح لدينا شعور بالإرتباط من أي وقت بالموردين المحليين الذين رأونا خلال العام بشكل كبير، وأعتقد أنهم أيضا قد أصبح لديهم تقديرا متجددا لنا كأفراد، وفهم أكثر من أي وقت مضى لمدى أهمية بناء العلاقات مع العملاء. وقد تمت مكافأة الشركات التي أظهرت تركيزا بارزا على المجتمع و قامت بتقديم المعروف والولاء لفئات العملاء المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، قد زاد الاتجاة نحو موائمة وتكييف مواصفات المنتجات على حسب شرائح العملاء، وقد كان يتم ذلك بالفعل قبل حدوث الجائحة. ومن المؤكد إننا قد انجذبنا نحو المنتجات الفردية والمصممة حسب الطلب التى تعكس متطلباتنا الشخصية. ولننظرجميعا على سبيل المثال، إلى المتجر العالمى Etsy الذى بمهمته يقوم بربط العملاء بالصناع للعثورعلى أشياء ومنتجات غير إعتيادية ومصممة بمواصفات خاصة (حيث يتم تلبية متطلبات الكثير عن طريق الطباعة الشخصية عند الطلب). ونود أن نذكرفى هذا الإطار،أنه وفقا ل Forbesفقد شهدت المنصة نمو البائعين النشطين بنسبة 42 في المائة على أساس سنوي اعتبارًا من الربع الثالث من عام 2020، وأيضا زيادة المشترين النشطين بنسبة 55 في المائة، وزيادة المبيعات الإجمالية بنسبة 119 في المائة.
تعمل نقاط الاتصال الجديدة على إنشاء علاقات جديدة
قامت الشركات الكبيرة والصغيرة بتسخير وسائل التواصل الاجتماعي لبناء قاعدة مجتمعية وإشراك العملاء المحتملين وأيضا من أجل تحفيز الطلب على منتجاتهم. وبالرغم من عدم وجود نقاط البيع بالتجزئة بشكل فعلى واتمام عمليات البيع من خلال الإنترنت، فقد اكتشف البائعين نقطة اتصال جديدة وحيوية مع العميل تتمثل فى لحظة “فتح عبوة المنتج” من قبل المستهلكين عندما تصل الطلبيات إلى منازلهم.
وبإعتبار ذلك جزء من رحلة العميل فى الحصول على المنتج، فقد أصبح هذا الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضى. وفى الوقت الحالى تدرك العلامات التجارية أن هذه فرصة غير مستغلة لزيادة مشاركة العملاء وبناء علاقة قوية باستخدام الطباعة الترويجية والتغليف الجذاب. فعلى سبيل المثال فإننا نرى موردي علب الطعام يقومون بعمل بطاقات وصفات مطبوعة على العلب، وأيضا تعبئة السلع فى سلال فاخرة، وبالنسبة لأقسام شراء الملابس ومنتجات الجمال عبر الإنترنت فإنها اشتملت على عروض ترويجية مطبوعة وقسائم شراء نشطة، كما أن باقات الزهور المعبأة أصبحت يتم شحنها مع بطاقات تهنئة شخصية للعملاء.
كل هذه الجهود التسويقية والترويجية المستهدفة هي في الواقع أساسية لتجربة العميل. حيث أنها تعمل على على إنشاء إتصال عاطفى بين المستهلك والعلامة التجارية، مما يجعل المنتج لا يُنسى ويزيد من احتمالية أن نوصي به ونقوم بإعادة الشراء. وكل هذة المجهودات التى تجعل المستهلكين يشعروا بالتميز قادرة على تحقيق وتعظيم المكاسب التجارية.
المستقبل هو البشرية
وعندما يمكن للشركات أن تراجع وتتأمل هذا العام، فإنها ستدرك أنهم اكتسبوا رؤى جديدة لا تقدر بثمن فيما يخص عملائهم وذلك إلى جانب ثروة من البيانات الجديدة. ويمكن لأصحاب العلامات التجارية الأذكياء استخدام هذه المعرفة لاتخاذ نهج أكثر تخصيصًا للتسويق، مع التركيز القوي على تحسين تجربة عملائهم.
ويتمثل التأثير الأكبر للوباء في تركيزه على الروابط البشرية. ولقد تعلمنا أن جميع وظائف العالم الافتراضي لا تحل محل حاجتنا للتفاعل في العالم الحقيقي. ويؤكد البحث الذي أجريناه مؤخرًا بين مالكي العلامات التجارية على “إجهاد العين الرقمي” المتزايد، وهو الأمر الذي يجعل المستهلكين لديهم رغبة فى الوصول إلى الأشياء التي يمكنهم تجربتها بكل حواسهم، وليس فقط عبر الشاشة.
وسوف تدرك العلامات التجارية التي تزدهر هذا الأمر، وبينما قد تكون نماذج أعمالها على الإنترنت، ستدرك الحاجة إلى رعاية العملاء بمنتجات إبداعية وشخصية وتسويق تفاعلى حقيقى يعاملهم كأشخاص حقيقيين وليس جماهير أو نقاط بيانات. وهنا ياتى دور الطباعة حيث أنها تستطيع أن تؤدى هذا الدور بشكل مثالى، فهى تستطيع أن تقدم للعلامات التجارية من جميع الأحجام نطاقًا إبداعيًا وفوريًا، بشكل يحتوى على التوازن بين الثقة والقوة التي لا يمكن أن تضاهيه الأجهزة الرقمية وحدها.
أرض خصبة للابتكار
لقد حفز الوباء بشكل ملهم على الابتكار وريادة الأعمال على مستوى عالى، مع ارتفاع تسجيلات الشركات الجديدة بشكل سريع في العديد من الاقتصادات المتقدمة ، ووفقًا لما ذكرته Financial Times “بالنظر إلى المستقبل، يمكننا أن نتوقع أن يكون مشهد ما بعد كوفيد أرضا خصبة لازدهار الشركات الجديدة”. حيث ستكون بعض الشركات القديمة قد اختفت، عن طريق الاختيار أو الانقراض، تاركة مساحة للأفكار الجديدة القابلة للتطبيق، حيث أن هذة الأفكار ستكون مدعومة بحوافز حكومية ومصادر تمويل بديلة للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة والشركات عالية النمو. ومن الجدير بالذكر أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شهدت أيضًا ارتفاعًا كبيرًا في التمويل للشركات الناشئة مع أكثر من 200 معاملة بدء تشغيل تم إجراؤها العام الماضي وحده. وسوف تكون سرعة الحركة هي المفتاح، وقد يؤثر هذا على نقاط القوة في المؤسسات الصغيرة مقارنة بالمؤسسات التجارية الأكثر تعقيدًا ومتعددة الطبقات.
وتشهد المنطقة خلال الفترة الحالية ارتفاعا مطردا في عدد الشركات الناشئة، نظرًا للاستثمارات الكبيرة التي يتم إجراؤها، وبالنظر إلى الأزمة غير المسبوقة بسبب جائحة كورونا، فإن الشركات تحتاج إلى إعادة التفكير في استراتيجيتها لاستيعاب طلب المستهلكين.
كما يعد اعتماد الحلول الرقمية مثل منصات الطرف الثالث ووسائل التواصل الاجتماعي للاتصال بقاعدة عملائهم وتقديم تجربة أكثر تخصيصًا عندما يتعلق الأمر بالتجارة الإلكترونية من العوامل الرئيسية للنجاح.
وسوف تظهر اتجاهات جديدة بشكل حتمى مع خروجنا من فترة الإغلاق. ومن المحتمل أن نتوقع حقبة جديدة من نمط التسوق والاستهلاك، حيث ستتحول اتجاهات المستهلك إلى زيادة الإنفاق على السفر والترفيه وتناول الطعام بالمحال التجارية وكذلك القيام بالتجارب المشتركة الأخرى التي تقوم على التفاعل الحقيقى بين الأفراد. فقد توقعت المجموعة المنتجة لمستحضرات التجميل L’Oréal بشكل مؤخر ظهور “حماس سن العشرينات”، حيث سيغادر المستهلكون منازلهم ويستأنفوا حياتهم الاجتماعية.
كما إننى متأكد من أن المستفيدين سيكونون من لديهم العزم لتحقيق ذلك، جنبًا إلى جنب مع الإبداع من أجل رؤية أنفسهم من خلال عيون العميل وتقديم قيمة فريدة. ولا يتطلب هذا بالضرورة استثمارات ضخمة، فقد يتعلق الأمر باستخدام الأدوات والتقنيات التي يعتمدون عليها بالفعل والاستفادة من إمكانية تحويلها إلى ميزة تجارية بطريقة أخرى. فالطبع لا يلزم أن يكون التمحور أو تصحيح المسار بناء على تداعيات الأزمة الحالية؛ بل أن الأمر يمكن أن يتعلق باتباع نهج جانبي لحل مشكلة أو التراجع عن ما هو موجود واكتشاف فرص نجاح جديدة.
خلق قيمة جديدة
لقد رأيت أمثلة رائعة على التفكير الجانبي المبتكر في قاعدة عملائنا. حيث يتعرف الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل مع الطابعة الإنتاجية imagePRESS C165 متعددة المهام الخاصة بنا على قدرتها على إنتاج طباعة عالية الجودة عند الطلب، ووضع هذا في صميم عرض القيمة الخاص بهم بطرق مختلفة. وهذا ينطبق بشكل خاص على منطقة الشرق الأوسط حيث تقدر قيمة سوق الطباعة بحوالي 20 مليار دولار أمريكي.
على سبيل المثال LouiseWeise.de ، وهي شركة ألمانية عبر الإنترنت تصمم وتبيع الأدوات المكتبية الشخصية المميزة والهدايا ومنتجات الديكور المنزلي، من كتب حفلات التعميد والتقاويم إلى مخططات الوجبات ومخططات قياس طول الأطفال. فمن خلال التعامل مع إنتاج الطباعة الشخصية الخاصة بهم باستخدام طابعة C165، فإنهم يتحكمون في الجودة والسرعة المثلى في السوق. وهذا يمنحهم الثقة والاستقلالية للنظر في توسيع قاعدة عملائهم دوليًا.
وقد لا يتعلق تحقيق الإيرادات من الطباعة ببيع منتج مطبوع إلى المستهلك النهائي فقط. فقد اشترت وكالة الفعاليات الإبداعية البلجيكية ذات الخدمات الكاملة Conrad Consulting، الطابعة C165 لإنشاء مستندات مميزة للعروض الترويجية والاقتراحات. ولقد أحبها العملاء كثيرًا لدرجة أنها تمنح الوكالة الآن تدفقًا جديدًا لإيرادات B2B، مما ينتج عن ذلك ضمانات تسويقية لعملائهم. ومن خلال سياستهم الخاصة، فقد تمكنوا من “أداء شيء مميز لا يمكن لأي شخص آخر القيام به” لذا فإن الشركة التي تبلغ من العمر 30 عامًا لديها الآن ميزة USP إضافية، وذلك بفضل التفكير الإبداعي والطموح.
وقد تكون معظم قصص النمو هذه من الشركات الصغيرة، ولكنها تفكر بشكل كبير، وتعتمد على تركيز حاد للغاية على كيفية تجاوز توقعات عملائها. ومن واقع خبرتي ، فإن العزيمة والإرادة، جنبًا إلى جنب مع الرغبة في المحاولة والفحص وتحسين العمليات، دائمًا ما يجلب التفوق والنجاح والمكافآت للشركات والأعمال التجارية.
ولقد منح الوباء كل مؤسسة فرصة ذهبية للتراجع وإعادة التقييم والضغط من أجل طريقة جديدة في التفكير. باستخدام الفهم الجديد والعلاقة القوية مع عملائها، والآن أصبحت هناك فرصة للشركات للقيام بالأشياء بشكل مختلف، وخلق قيمة جديدة لعملائهم ومجتمعاتهم.