وجّه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، بتأسيس شركة لتوزيع الكتب، تباشر عملها ضمن نطاق جمعية الناشرين الإماراتيين، لمواكبة متطلبات الناشرين، وتخفيف الأعباء المالية عنهم، وتوفير المساعدة في تصدير أعمالهم، محلياً وإقليمياً ودولياً، بتكاليف رمزية.
وأوضح علي عبيد بن حاتم، رئيس جمعية الناشرين الإماراتيين، أن القرار يشكل خطوة استثنائية ستحدث نقلة نوعيّة في صناعة الكتاب الإماراتي، وتغييراً مركزياً في حضور الكتاب العربي على مستوى العالم، وقال: «تحظى مسيرة النشر المحلية والعربية بمتابعة ودعم حثيثة وغير مسبوقة من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، الذي لطالما آمن بأن بناء المجتمع يبدأ من بناء الإنسان على العلم والمعرفة والكتاب».
تابع رئيس الجمعية: «إن صاحب السمو حاكم الشارقة يدرك أهمية التوزيع في عملية النشر باعتبارها العصب المحرّك لهذه الصناعة الأهم في الحراك الثقافي بأسره، ومن شأن هذا الخطوة أن ترفع حصة الناشرين الإماراتيين في سوق الكتاب محلياً وعالمياً، وتدعم حضورهم إلى جانب إنتاجاتهم في مختلف الأحداث الثقافية».
بدوره، قال راشد الكوس، المدير التنفيذي للجمعية: «تنعم حركة النشر المحلية والعربية بدعم ومتابعة كريمة من قبل صاحب السمو حاكم الشارقة، الذي لا تتوقف مبادراته للنهوض والارتقاء بهذه الصناعة».
وأضاف المدير التنفيذي للجمعية: «ندرك الحاجة إلى تنظيم عملية التوزيع، ومركزية قرارها، خاصة في ظل وجود الكثير من الشركات التي تفرض التزامات مالية كبيرة على الناشرين، وتسهم في إيقاف الكثير من عمليات البيع، أو تؤجلها، لا سيما في ظلّ الظروف الصعبة التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد، والأعباء التي راكمها على الناشرين، لهذا فإن قرار صاحب السمو حاكم الشارقة، في تأسيس شركة توزيع تابعة للجمعية خطوة تؤسس لمرحلة جديدة من صناعة الكتاب في الإمارات، وتخفف من أعباء النفقات على الناشرين وتضمن لهم إيصال أعمالهم للأسواق العربية والعالمية».
وستعمل الشركة الجديدة التي ستكون ضمن المبنى الجديد الذي أوصى بإنشائه صاحب السمو حاكم الشارقة، على تخفيف الأعباء المالية على الناشرين، والمساعدة في توزيع إصداراتهم بأسعار رمزية.
تطوير
الكاتبة صالحة غابش المدير العام والمستشارة الثقافية في المكتب الثقافي والإعلامي في «المجلس الأعلى لشؤون الأسرة» في الشارقة، تقول: يبدو أنه قد آن الأوان لكي تكفّ دور النشر عن الشكوى الدائمة والمستمرة بشأن توزيع الكتب، التي تتكدس في مخازنها، وتنتظر فقط، منافذ البيع عبر معارض الكتب، سواء العربية أو العالمية، والتي تظل بطبيعة الحال منافذ محدودة لإيصال الكتاب للقارئ.
كنا نتحدث دائماً عن عدم وجود آليات لتوزيع الكتب، ولا شك في أن تطوير آليات التوزيع هو من أبرز المراحل التي تخدم قطاع النشر، والآن مع توجيه صاحب السمو حاكم الشارقة، بإنشاء شركة للتوزيع تحت مظلة جمعية الناشرين الإماراتيين، يجعلنا نتنفس الصعداء، ونتفاءل خيراً جراء مشكلة كانت قائمة، ظلت تحدد انتشار الكتاب وتبقيه في النطاق المحلي.
ربما كنا ننتظر حل هذه المشكلة، لكني أظن، وأعتقد جازمة، أن أصوات وأعين الناشرين الإماراتيين كانت تتوقع حل هذه المشكلة من قبل سموه، فهي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولا شك في أنها ستضيف الكثير لهذا القطاع، لا سيما وأن سموه كان دائماً على تماس مع قضايا الثقافة، وصاحب المبادرات التي لا تتوقف في هذا الشأن.
ومن المؤكد أن هذه المبادرة تثلج صدورنا جميعاً كتّاباً وناشرين، أن تصبح هناك استراتيجيات واضحة تحكم قطاع النشر، وتعمل على تداول كتابنا الإماراتي في أرجاء العالم العربي، بكل سهولة ويسر.
ومن جهة أخرى، فإن وجود مثل هذه الشركة سيعمل على وصول الكتاب العربي إلينا بشكل تلقائي، فضلاً عن الكتب المترجمة التي سيطالها نصيب من هذه الشركة.
لا شك في أن هذه المبادرة الكبيرة تشعرنا بالفرح والابتهاج، حيث أصبح لكتبنا أجنحة.
حلقة غائبة
الدكتورة مريم الشناصي، صاحبة دار الياسمين للطباعة والنشر، أعربت عن سعادتها بتلك الخطوة، وهي ترى أن قيام شركة للتوزيع هو أمر مطلوب بشدة، حيث إن جميع دور النشر ظلت تعاني من مسألة التوزيع، فتلك هي الحلقة الغائبة والمفقودة في عملية نشر وطباعة الكتاب، وبالتالي فإن وجود مثل هذه الشركة يسهّل كثيراً الصعوبات التي كانت موجودة في ما يتعلق بتوزيع المؤلفات والمطبوعات. وأشارت الشناصي إلى أن الدعاية التي يحظى بها الكتاب كسلعة أو كمنتج هي بسيطة جداً مقارنة بالسلع الأخرى، وهذا الأمر كان له تأثيره الكبير في مجال التوزيع، وبالتالي فإن وجود شركة مختصة بذلك الشأن هو خطوة كبيرة في حل مثل هذه المشكلات التي تعترض وصول الكتاب إلى جمهور القراء.
ولفتت الشناصي إلى أن وجود شركة لتوزيع الكتب من شأنها أن تقود إلى انتشار المؤلفات ذات المحتوى الجيد، وقطع حجة الناشرين الذين كانوا يرددون على الدوام أنهم يقومون بطباعة بعض المؤلفات لأنها ستوزع بصورة أكبر، ولأن ذلك هو ما يريده القارئ، حتى إن كانت تلك الكتب ذات محتوى فقير، وبالتالي فإن الذي سيتحكم في وصول الكتاب إلى المتلقي هو المحتوى المميز، سواء كان هذا الكتاب هو رواية، أو ديوان شعر، أو غيرهما.
وأشارت إلى وجود مشكلة كبيرة متعلقة بالكتاب المرتجع، والذي يأخذ دورته من العرض في معارض الكتب ثم يعود إلى مخازن دور النشر، حيث إن وجود شركة للتوزيع سوف يقضي على ظاهرة المؤلفات المرتجعة ويمثل حلاً نموذجياً لها.
وتوقعت الشناصي أن يقود تأسيس هذه الشركة إلى انتعاش كبير في سوق الكتب، بحيث إن المؤلفات ستصل إلى كل الفئات المستهدفة، مطالبة الشركة المزمع قيامها بالتنسيق مع الناشرين، وأوضحت أن بعض الكتّاب والمؤلفين يقومون بطباعة منتجاتهم على نفقتهم الخاصة، وهو ما يسمى بالنشر الحر، أو الذاتي، وهؤلاء لا يعرفون طبيعة سوق الكتب، وبالتالي، ومع وجود مثل هذا الشركة فسيضمن هؤلاء توزيع منتجاتهم بدلاً من أن يقوموا بذلك الأمر بنفسهم.