90 عملاً بلمسات 42 فناناً من 22 دولة، يحملها معرض «صُنع في تشكيل»، في مركز تشكيل، الذي يحتفي بالمشهد الفني في دبي، من خلال مجموعة متنوّعة من الإبداعات. وتعكس النسخة الـ12 من المعرض عمق وتنوّع الممارسات الفنية في الإمارات، سواء لجهة الأعمال التركيبية أو حتى التصوير والفيديو، وكل أنواع الطباعة والقطع بالليزر، إلى جانب الأزياء والمجوهرات. وتعود الأعمال إلى العديد من المبدعين من أعضاء مركز «تشكيل» في دبي، وفنانين مقيمين، ومدربي ورش العمل والمشاركين فيها.
يقدم المعرض الذي يستمر حتى 31 أغسطس المقبل، طيفاً واسعاً من الأعمال التي تعكس أنماطاً متباينة، منها التصوير أو حتى التشكيل والتركيب والطباعة. وتعكس بعض الأعمال دبي، ومنها عمل الفنانة ألونسا غيفارا، التي تقدم في لوحاتها تجارب تأملية من المدينة في عمل يحمل عنوان «وجه النور».
بينما يطل عمل الفنانة آمنة إلياس بعنوان «بصمات»، وهو عمل شديد الالتصاق بالذاكرة، إذ تبحث صاحبته عن كيفية التنقيب عن ذكرى معينة، إذ طرحت إمكانية استخدام الأساليب الأثرية كاستعارة لإيجاد وسيلة للتذكر، وتعمدت إعطاء مفهوم للذاكرة من إعادة تصوير الأشياء، فوضعت فستان طفلة حديثة الولادة على الجص نوعاً من البحث في أعماق الذاكرة. أما الفنان إبراهيم خمايسة، فاستوحى عمله من عالم التواصل الاجتماعي، وكتب كلمة «حب» بالمرآة المقطعة بالليزر، محاولاً من خلاله استكشاف الروابط بين المعنى وشكل الخط.
ومن التشكيل إلى الصور الفوتوغرافية، إذ يضم المعرض مجموعة من الأعمال التصويرية المدهشة، منها ما تقدمه المصوّرة جيهان علي، التي شاركت عبر سلسلة من الصور التي التقطتها في جولة خاصة، نظمها مركز تشكيل في «محمية جبل علي»، مستخدمة كاميرا والدها القديمة وأخرى رقمية حديثة، كما استخدمت مجموعة من الأفلام الملوّنة المختلفة للتجريب والاستكشاف، مع سرعات ومسافات وإعدادات، لعرض المشهد بشكلين مختلفين.
بينما يحضر كرم حور في المعرض بصورتين التقطهما لفراخ العصافير في حديقة مركز تشكيل، إذ وثق لحظة آسرة لعصافير صغيرة داخل عشها بعد ولادتها، مع وجود الأم التي تحاول تأمين الغذاء في مشهد شديد السحر.
كما يقدم المعرض مجموعة من الأعمال التركيبية، منها عمل الفنانة المصرية يسرا وهبة، التي قالت لـ«الإمارات اليوم»، عن عملها الذي صممته من «الريزن» (مادة سائلة نقية ذات قوام سميك): «يقدم العمل لحظة تبرز شكل تناثر السائل حين يقع، وقد وضعت (الريزن) في العمل الفني لمنح المشاهد الطاقة والشعور بالإحساس بحركة السوائل، كما أن العمل مصمم على قاعدة شفافة، ما يتيح له أن يشع في حال تم وضع أي نوع من الإضاءة في الخلفية».
وأشارت إلى أن مادة «الريزن» تمنحها الحركة وتجعلها كفنانة قادرة على إخراج الأعمال بالشكل الذي تريده، إذ تلوّن المادة، وتعمل على تشكيلها في مدة لا تتجاوز 40 دقيقة، لأنها مادة تجف سريعاً ولابد من أن تنجز العمل في وقت قياسي، لافتة إلى أنها أكملت عملها في نحو شهر، وعدد القطع فيه يصل إلى 300 تم تصميمها على شكل طبقات فوق بعضها بعضاً.
وأضافت أنها «تشارك في المعرض للمرة الأولى، واكتسبت كثيراً من الخبرة خلاله، سواء لجهة العمل والتقنيات، أو حتى التعرف إلى الخبرات الفنية الأخرى، خصوصاً أن الأعمال تنجز داخل مركز تشكيل».
من جهتها، التقطت الإماراتية شريفة الهاشمي، صورها التي تشارك بها في المعرض في محمية رأس الخور لطائر «الفلامينغو»، وأشارت إلى أنها تحب التقاط صور الحيوانات، وشاركت بعدد من ورش العمل الخاصة بتصويرها.
وأضافت أنها «التقطت طيور (الفلامينغو) في صورها على مرحلتين: الأولى حين كانت الطيور تتحرك بشكل حر، وفي المرحلة الثانية خلال إطعامها»، لافتة الى أن مشهد الطيور وهي تتجمع حين يقدم لها الطعام كان جاذباً، إذ تتجمع كما لو أنها عائلة واحدة، للحصول على الطعام بشكل متسلسل، مشيرة إلى أنه بعد تناول الطيور للطعام راحت تسعى للطيران من جديد فبدت وكأنها تبحث عن الحرية مجدداً.
أما الفنانة البلجيكية شارل، فعملت على قطعتين نوعاً من الإهداء والشكر لشخصيتين وهما: المستشار الثقافي لصاحب السموّ رئيس الدولة الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة زكي أنور نسيبة، والكاتب عادل الدجاني، عبر قطعتين تحملان كثيراً من ملامح فلسطين.
وأضافت أنها استوحت العمل الخاص بالدجاني من كتابه «من القدس إلى مملكة على البحر»، إذ عملت على عرض رحلة حياته الكاملة، التي كانت في بلدان متعددة، مع التركيز على أن العائلة لم تنس تاريخها ومكان انتمائها الأساسي، فالعمل يترجم سيرة الكاتب مع كل البلدان التي زارها ومحطات من حياته، والشخصيات التي أثرت فيه، بشكل رمزي وتعبيري، مستخدمة الزجاج ووسائط أخرى». وأكدت أن مركز تشكيل أوجد فعلياً مجمعاً ثقافياً مميزاً، يحتضن كل الجنسيات والثقافات وهذا ما يمنحه التميّز.
إلى جانب الأعمال الفنية، يقدم معرض «صُنع في تشكيل» إطلالة على أعمال ترتبط بالأزياء والمجوهرات، منها تصاميم عرين حسن، مصممة الأزياء الفلسطينية، التي تقدم في عملها تقنيات مختلفة لإنشاء مطبوعات بالشاشة الحريرية والطباعة الرقمية، بأشكال جمالية متناغمة وتجريدية متأثرة بالثقافات الإسلامية والتاريخية والمعاصرة. كما تقدم المصممة ليا شتايلين مجموعة من المجوهرات المستوحاة من الأشكال الهندسية الإسلامية، وكلها مشغولة بشكل يدوي.