لقد ظهرت الطباعة الرقمية للعالم منذ بداية التسعينيات، وهي تعتبر تطور ثوري غير مسار صناعة الطباعة. وفي إطار هذا السياق نود أن نذكر، أن الدكتور جورج نوبار سيمونيان، عميد كلية التصميم والفنون الإبداعية بجامعة الأهرام الكندية بالقاهرة من أكثر المؤيدين المتحمسين للطباعة الرقمية.
فقد أخذ الدكتور سيمونيان القائم بأعمال عميد كلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان على عاتقه مهمة إدخال الابتكار في الصناعة، وذلك من خلال دراساته وتعاليمه وقد قام بتأليف العديد من الكتب حول هذا الموضوع.
وقد قابلته مجلة ME Printer في معرض الخليج للطباعة والتغليف 2022 في دبي للتعرف على آرائه حول أحدث التطورات التكنولوجية في صناعة الطباعة، وكذلك للتعرف على المزيد حول كتابه الأخير “طباعة النفث الحبري: الإنك جيت طباعة المستقبل”.، وإليكم تفاصيل المقابلة في السطور القادمة:
في عام 2000، كنت أول خبير في العالم العربي يؤلف كتابا باللغة العربية عن الطباعة الرقمية، والآن نود أن نتعرف منك عن موضوع الكتاب الجديد، ولماذا قررت إصدار هذا الكتاب؟
أود أن أذكر لك، أن هذا الكتاب الجديد يعد الإصدار الرابع عشر في مجموعة مؤلفاتي.وكما تعلم أن آخر مؤلفاتي عن الطباعة الرقمية كان في عام 2000، وهو يعتبر أول كتاب عربي عن هذا الموضوع، وقد قمت بتأليف هذا الكتاب قبل أن يفكر الآخرون في إصدار أي مؤلفات عن الطباعة الرقمية بوقت كبير.
لقد قمت بتأليف هذا الكتاب لأنني شديد الشغف بمجال الطباعة النافثة للحبر، واختارنا له عنوان “طباعة النفث الحبري: الإنك جيت طباعة المستقبل” وأود أن أذكر لك إنني أؤمن بأن مستقبل صناعة الطباعة يتمثل في اعتماد الطباعة النافثة للحبر لأنه لا يوجد بها عملية ضغط حراري أو احتياج إلى التعامل مع لوحات عمل أو القيام بإجراء العمليات التشغيلية الخاصة بمرحلة ما قبل الطباعة. والشيء الأهم هو أن الطباعة بتقنية نفث الحبر، يمكنها الطباعة من أي مكان وعلى أي مادة أو ركيزة، خاصة باستخدام الأحبار المُعالجَة بالأشعة فوق البنفسجية التي يمكنك طباعتها على أي سطح.
ونحن فخورون جدا بإذن فرانك رومانو الأسطوري الذي حصلنا عليه لتضمين بيانات من كتابه في هذا الكتاب.
كيف بدأت هذه المسيرة، قبل أن يفكر الآخرون بشكل كبير في التكنولوجيا الرقمية؟
لقد ذهبت إلى لندن بهدف الحصول على درجة الدكتوراه في عام 1997. وكان ذلك وقت بداية ظهور التكنولوجيا الرقمية. وكانت رسالتي حول عن طباعة الأوفست ومعايير الأيزو، والمقارنة بين طباعة الأوفست والطباعة الرقمية. من الناحية العملية، كان لدينا ملف رقمي واحد ، وهو عبارة عن ملف اختباري، وتم إنتاجه في المملكة المتحدة على 18 طابعة رقمية مختلفة بنفس الملف. وقد قمنا بمقارنة الجودة المرئية والجودة المعملية وجودة اللون من خلال 18 نظاما رقميا ومن خلال طباعة الأوفست من أجل المقارنة ومعرفة الفرق. وكانت النتيجة مذهلة.
ما هو مصدر إلهامك لتأليف هذا الكتاب الجديد؟
لقد كانت حاجة السوق إلى التطور والتوجه نحو اعتماد الرقمية هي مصدر إلهامي، وكان لدى إرادة قوية لكي أفعل شيئا جديدا. حيث كان الجميع يتحدثون عن الرقمية في عام 1995. وبحلول عام 1998 كان الجميع مقتنعًا بأنه سيكون المستقبل.
وأود أن أذكر لكم أنني سعيد وفخور جدا لأنني كنت من أوائل الأشخاص الذين تحدثوا عن الرقمية في مؤلفاتهم، دون أن أحصل على أي أجر، وقد قامت شركة كانون برعاية الكتاب وطباعته. وعلى الرغم من أنني لم أحصل على مكافأة مالية، فقد دعيت إلى العديد من الندوات والمحاضرات والمعارض والدورات التدريبية للحديث عن هذه التكنولوجيا الجديدة.
من هم الفئات المستهدفة لهذا الكتاب: القائمون على الصناعة أم المبتكرون أم دور الطباعة أم الطلاب والدارسين؟
لقد استهدفت بهذا الكتاب بشكل أساسي أبنائنا من الطلاب والدراسين حيث أنهم بحاجة إلى معرفة الأحدث. حيث إنني شعرت أنه في نهاية المطاف سوف تسيطر التكنولوجية الرقمية على صناعة الطباعة ومن المؤكد أنها سوف تشكل مستقبل الصناعة. كما تعلم فإن عملية الطباعة اليوم أصبحت (رقمية) بسيطة وسهلة وسريعة ولا تحتاج إلى لوحات عمل، وذلك مع إمكانية الحصول على طباعة عالية الجودة.
كما أن هذا الكتاب موجه أيضا لشركات الطباعة، لأن شركات طباعة الأوفست يجب أن تعرف إمكانات المستقبل.
هل تعتقد أن صناعة الطباعة مهيأة بشكل كافي لاعتماد التكنولوجيا الرقمية؟
عندما ذهبت إلى القاهرة لحضور أحد المعارض عام 1999، تم الاستفسار من المشاركين والحضور عن معرفتهم بالطباعة الرقمية. وقد اعتقد الجميع أن الطباعة الرقمية تقنية تقوم بها ماكينات التصوير وليس آلات الطباعة، حيث إنه في ذلك لم يكن السوق ناضجا بما فيه الكفاية إلى أن جاءت بداية العصر الرقمي في عام 2010 ، وأصبح لدى الجميع وعي جيد بالطباعة الرقمية. والآن في عامنا هذا 2022 أصبح الوعي أكثر نضجا.
إلى أي مدى تعتقد أن هذا الكتاب وثيق الصلة بصناعة الطباعة؟
أنا لست منحاز لتقنية معينة وهذا الكتاب محايد ويستطيع التحدث إلى الجميع، حيث دائما يبحث جميع مصنعي أجهزة الطباعة عن تحديد موقع دقيق للطباعة. فكما تعلم فإنه في طباعة الأوفست يتم استخدام المزيد من عدد النقاط المطبوعة الموجودة في بوصة واحدة من الصورة أو ما يعرف بال “dpi” ولكن في حالة استخدام نفث الحبر فإن المتخصصون يستخدمون إمكانيات حجم الحبر.
وبشكل عام فإننا نتحدث عن الأحبار المائية، وليست الأحبار القائمة على مذيبات، وذلك مع نظام المعالجة بالأشعة فوق البنفسجية، الذي يعبر عن المستقبل بالنسبة للأحبار المستخدمة على مستوى الصناعة.
وفي هذا الكتاب فإنني أتناول كخبير مقياس NPI الذي يتواجد في آلالات الطباعة النافثة للحبر، فعلى سبيل المثال عند استخدام جودة 600 NPI، فهذا في الواقع يعادل 1200 نقطة مطبوعة في البوصة، مما يعني صورًا أكثر وضوحا وجودة.
ما مدى تقدم الناحية التعليمية في مجال الطباعة في منطقتنا؟
أعتقد أن مصر وجنوب إفريقيا هم أكثر الدول تقدما من الناحية الأكاديمية وتدريس مجالات صناعة الطباعة، حيث إنه في مصر يوجد 13 كلية متخصصة في تدريس التصميم وفنون الجرافيك.
هل يعد كتابك مرجع علمي للطلاب والدراسين؟
على الرغم من أنه لا يعد كتابًا مدرسيًا، إلا أنه يمكن استخدامه كمرجع. حيث إنني أستهدف بشكل عام زيادة الوعي في الدول العربية بتقنية نفث الحبر لأنني أشعر أنها تكنولوجيا المستقبل.
إلى أي مدى تساهم شركات الطباعة الكبرى مثل شركة كانون في تطوير تعليم الطباعة؟
بدأنا مع بعض الشركات مثل زيروكس وكانون وإتش بي. حيث إنهم يوفرون التدريب العملي للطلاب والدراسين. وذلك يعد فوز ونقلة إيجابية للشركات والطلاب معا، حيث أن هؤلاء الطلاب سيصبحون أصحاب الشركات في المستقبل، وبطبيعة الحال فإنهم سيفضلون منتجات الشركات التي تم تدريبهم فيها. كما تمنح الشركات فرصًا للخريجين كمتدربين عاملين.
هل هناك أي تعاون بين الجامعات وخبراء صناعة الطباعة؟
بالطبع هناك تعاون، حيث يأتي الخبراء من الشركات إلى جامعاتنا لإلقاء المحاضرات وكذلك المشاركة في الندوات وتوزيع نماذج التصميم والكتالوجات والعينات.
كيف يمكننا زيادة الوعي بقيمة الطباعة كصناعة تكميلية بين الجيل الجديد؟
على غرار ما حدث في المملكة المتحدة، فإننا يجب أن نبدأ بالمدارس، فكما تعرف يحب الأطفال الطباعة ، لذلك عليك أن تمنح الصورة الصحيحة للطباعة. كما أنني أشعر أن الطلاب الصغار يترددون في الذهاب إلى صناعة الطباعة لأنهم يعتقدون أن هناك آلات ضخمة مليئة بالزيت والحبر والأوساخ على الأرضيات. لذلك علينا أن نمنحهم الصورة الجديدة لصناعة الطباعة مع كل هذه التطبيقات الرقمية المتاحة، وكذلك ننقل لهم التوافق تطبيقات الأجهزة المحمولة مع عملية الطباعة والطباعة عبر الإنترنت.
كيف ترى وضع صناعة فنون الجرافيك في هذه منطقة الشرق الأوسط؟
سيغير الجيل الجديد مستقبل صناعة الطباعة ، لأنهم يعتبروا “جيل إلكتروني”. ومن السهل عليهم تكييف التقنيات مع فنون الرسم والجرافيك. ويجب علينا أن نثقفهم ونغرس فيهم الوعي بأن صناعة الطباعة لن تنتهي أو تتوقف، لكنها تتغير وتتحول، كما أننا لا يمكننا العيش بدون صناعة طباعة.
كيف يمكننا تغيير العقلية التقليدية لدور الطباعة في المنطقة؟
يمكن ذلك من خلال تشجعهم على تبني التقنيات والعمليات الإنتاجية الجديدة. وإننا بدأنا هذا بالفعل من خلال التعاون مع الشركات والجامعات والهيئات الصناعية. فكما تعلم أن الشركات تنفق ملايين الدولارات على البحث والتطوير وتقوم بالترويج لنفسها.
بعد ما ذكرناه، ماذا تفضل: تحول طباعة الليثو إلى الطباعة الرقمية أم تحول الطباعة الرقمية إلى طباعة الليثو؟
تستحق الطباعة أكثر مما هي عليه الآن لأن الطباعة هي الصناعة الوحيدة التي تخدم جميع الصناعات.
والمستقبل يتمثل فى “تحول طباعة الليثو إلى الطباعة الرقمية”