إن دولة الإمارات العربية المتحدة دخلت بقوة حقبة الطباعة الثلاثية الأبعاد، في مجال البناء والتصنيع حيث تتحول تدريجياً إلى مركز عالمي لهذه التقنية المتقدمة.
تقتحم تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد منظومة التصنيع المتقدم في دولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز المرونة، وتقليص تكلفة إنتاج الأجزاء المتقدمة بقطاع الطيران والسيارات والطب، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة عن برنامج «الصناعة 4.0»، الذي يهدف إلى تسريع وتيرة تبني هذه التقنية الحديثة وغيرها من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
وأكد تقرير حديث لشركة الاستشارات العالمية «كيرني» أطلعت عليه «الاتحاد»، أن الإمارات باتت منافساً عالمياً في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، كما أن الدولة تمضي بثبات لتبوؤ موقع الريادة في مجال تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
وأكد خبراء ومتخصصون أن دمج عمليات الطباعة الثلاثية الأبعاد في عمليات الإنتاج تعزز المرونة، وتقلص التكلفة، كما أنها تتجاوز التحديات اللوجستية المتعلقة بالشحن وندرة المنتج، حيث يمكن طباعة الأجزاء المطلوبة بشكل فوري من دون الانتظار لأسابيع أو شهور لإتمام عمليات استيرادها من الخارج.
وأوضحوا أن تقنيات التصنيع المضافة ودمجها بطريقة قوية كتقنية جديدة للتصنيع توفر حرية غير محدودة في تصميم أي قطعة أو شكل هندسي، كما تتيح إنتاجها بمواد متنوعة مثل مساحيق المعادن والبلاستيك والسيراميك وغيرها. وتوقعوا أن تشهد السنوات المقبلة طفرة قوية في عمليات التصنيع عبر تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في الإمارات، من خلال دمج هذه الحلول المتقدمة في العديد من الصناعات القائمة والحديثة، لاسيما بعد أن أثبتت فعاليتها من حيث التكلفة والسرعة لمصممي المنتجات في كل من مرحلة اختبار المنتج الأولية وإنتاج العناصر «عند الطلب».
وقالوا: إن المبادرات الحكومية والخاصة ستسهم في تطوير قدرات الطباعة ثلاثية الأبعاد في الشركات الصناعية في الدولة، كما تدعم عمليات تدريب مواطني دولة الإمارات وتزويدهم بالمهارات اللازمة التي تمكنهم من استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في مختلف الأنشطة الصناعية.
وأكد إسماعيل علي عبدالله الرئيس التنفيذي لشركة ستراتا للتصنيع، أن الشركة أمسكت بزمام المبادرة في مجال استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في عمليات إنتاج غير متعلقة بصناعة أجزاء هياكل الطائرات.
وأضاف أن الشركة أنتجت أول الأجزاء الداخلية لمقصورة الطائرات باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد أن انخرطت في شراكة مع الاتحاد للطيران و«سيمنس»، إحدى أكبر الشركات العالمية لصناعة المعدات الصناعية لتصنيع المعدات.
ولفت إلى أن تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تفتح المجال لإحداث ثورة في القطاع الصناعي، حيث تمكن الشركات من تحسين عملية التصميم، وتساعدها في تصنيع أجزاء معقدة حسب الطلب، أو إنتاج قطع غيار للأجزاء التي توقف إنتاجها.ونوه عبدالله إلى أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تقلص الهدر وتسهم في سرعة إنجاز المنتج المطلوب بدقة واعتمادية فائقة، لاسيما مع التطور المطرد الذي شهدته الطابعات الحديثة في هذا المجال.
وأوضح أن عنصر التكلفة شكل في فترة من الفترات أحد أبرز التحديات في طريق انتشار تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد، إلا أن أسعار الطابعات والمواد الخام المستخدمة تراجع على نحو ملموس حالياً.
وتوقع عبدالله أن يشهد العقد الحالي طلباً متزايداً على الطباعة ثلاثية الأبعاد لتلبية الطلبات النوعية والفريدة والمصممة حسب الطلب، لاسيما مع التوسع الهائل في تقنيات التصميم، والبرمجيات، وآليات التحكم، والأتمتة، وتوافر النماذج الرقمية الشاملة لجميع العمليات.
قال منصور جناحي نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة «سند» والرئيس التنفيذي لشركة «سند لتقنيات الطيران» في تصريحات سابقة لـ «الاتحاد» إن الشركة تعكف حالياً على توظيف تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي تسهم في خفض الوقت اللازم لتوفير قطع غيار المحركات إلى النصف، وضمان توافر هذه القطع مباشرةً عند الطلب. ونوه بأن الشركة انتهت بالفعل من طباعة النماذج الأولية لقطاع الغيار بنجاح، وتعمل حالياً على استصدار الاعتمادات الخاصة بهذه التقنية من الجهات المختصة، تمهيداً للبدء في استخدامها. وأوضح أن «سند لتقنيات الطيران» تنتهج استراتيجية قائمة على التركيز على الموقع الجغرافي المتميز بين الشرق والغرب والمكانة الاستراتيجية التي تتمتع بها إمارة أبوظبي وتطور البنية التحتية والتكنولوجية، فضلاً عن وجود العديد من شركات الطيران.
من جانبه، قال المهندس إدوارد بعقليني، المدير التنفيذي لشركة «ثري دي فينشش»، «3D Vinci» إن دولة الإمارات العربية المتحدة دخلت بقوة حقبة الطباعة الثلاثية الأبعاد، في مجال البناء والتصنيع حيث تتحول تدريجياً إلى مركز عالمي لهذه التقنية المتقدمة.
وأشار بعقليني إلى نمو الطلب على الطابعات ثلاثية الأبعاد في الدولة على نحو غير مسبوق، كما تشهد عملية تأسيس الشركات المتخصصة في هذا المجال طفرة غير مسبوقة.
ونوه بأن الدولة تشهد عملية إعداد متقدم للطاقات البشرية المستقبلية المتخصصة في مثل هذه التقنيات الهندسية الواعدة لمواكبة الطلب المتزايد على هذا النوع من التقنيات.
الإمارات منافس عالمي في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد
أكد تقرير حديث لشركة الاستشارات العالمية «كيرني» أن دولة الإمارات العربية باتت منافساً عالمياً في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، كما أن الدولة عازمة على تبوؤ موقع الريادة على مستوى العالم في مجال تطبيق تقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
ونوه بأن الولايات المتحدة تعد الرائدة عالمياً في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد، وذلك بفضل دخولها في التصنيع الإضافي وقيادتها التاريخية في التصنيع التقليدي، إلا أن تقدمها في هذا المجال لا يخلو من المنافسة القوية مع ألمانيا وكوريا وإيطاليا والمملكة المتحدة، فضلاً عن دخول منافسين جدد مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ولفت التقرير إلى إعلان الإمارات عن ركائز استراتيجية، بما في ذلك إنشاء مجلس الثورة الصناعية الرابعة، وإنشاء نظام لتبادل المعرفة من مراكز الفكر للتقنيات الجديدة، والموافقة على المبادرات الوطنية لاستكشاف تقنيات مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد.
وقال التقرير، إنه بالإضافة إلى ذلك، أطلقت دبي استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد لتعزيز مكانة الدولة كمركز عالمي للطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول عام 2030.
والتزمت هيئة الصحة بدبي بوضع معايير وتنظيم الطباعة ثلاثية الأبعاد في القطاع الصحي، بما في ذلك الأطراف الصناعية والأسنان والمعينات السمعية في العيادات والمستشفيات العامة. وتمتلك الطباعة ثلاثية الأبعاد فرصاً كبيرة لإحداث تحول هائل في نشاطات التصنيع في الشرق الأوسط الذي يشهد ارتفاعاً حاداً في المنافسة العالمية وفي تطبيق التقنيات الرقمية. ويتوافق توظيف الطباعة ثلاثية الأبعاد في القطاع الصناعي مع توجه المنطقة إلى بناء اقتصادات أكثر تنوعاً .
أكدت مؤسسة «غولدشتاين ماركت إنتليجنس» للأبحاث أن سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد في الإمارات العربية المتحدة تشهد نمواً قوياً في إطار مضي الدولة نحو التحول إلى مركز عالمي لهذه التقنية المتقدمة متوقعة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 60% خلال الفترة بين 2017 و2030. ولفت إلى الاستثمار المتزايد من كل من القطاعين الحكومي والخاص في تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد مدفوعة بالمبادرات الرامية إلى زيادة الوعي بشأن التكنولوجيات المتقدمة ومجالات تطبيقها.
ووفق التقرير شكلت الطابعات ثلاثية الأبعاد حوالي 35% في سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد في الدولة، وتمثل الطابعات والمواد ثلاثية الأبعاد ما يقرب من نصف إجمالي الإيرادات على مدى السنوات الأربع المقبلة، لكن البرامج والخدمات ذات الصلة ستشهد أيضًا نمواً كبيراً.
وتعتبر الطباعة ثلاثية الأبعاد من التقنيات الحديثة التي تستخدم في العديد من المجالات، تعتمد على مبدأ تصميم وتصنيع المجسمات بتقسيمها إلى طبقات صغيرة جدًا باستخدام تقنيات وبرامج ويجري تصنيع القطع ثلاثية الأبعاد عن طريق طباعتها طبقةً فوق طبقة إلى أن يتكون المجسم النهائي. ووفق «ماركتس أند ماركتس»، بلغت قيمة سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد العالمية 13.78 مليار دولار في عام 2020 متوقعة توسعها بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 21.0% خلال الفترة من 2021 إلى 2028.
وأوضحت أنه على الصعيد العالمي، تم شحن 2.1 مليون وحدة من الطابعات ثلاثية الأبعاد في عام 2020 ومن المتوقع أن تصل الشحنات إلى 15.3 مليون وحدة بحلول عام 2028.