لاشك أن مصطلح كوفيد 19 يعبر فى طياته عن الكارثة الحياتية التى نشهدها اليوم. حيث عرقل هذا الوباء حياتنا بطرق لم نكن نتوقعها قبل بضعة أشهر من وقتنا الحالى. وعلى الرغم من وجود أمل كبير في العثور على لقاح مضاد لهذا الفيروس، إلا أن هذا الوباء يبدو أنه سيظل معنا في بعض الأحيان. وحتى لو تمكنا من تجاوز هذة الأزمة الحالية، فإن آثار فيروس كورونا ستستمر في المستقبل المنظور.
وفى الوقت الراهن، تحاول الشركات والمؤسسات التجارية في جميع أنحاء العالم أن تتأقلم مع الوضع الإعتيادى الجديد، والحل الوحيد الذي يفرض نفسه الآن، والذى يصبح أكثر جاذبية وتوافقا يوما بعد يوم هو العمل عن بُعد. فقد أصبح هذا الإتجاة سائدا حتى قبل إنتشار وباء كورونا. ووفقا لتقرير حالة العمل عن بُعد الذي نُشر في 2018، فإن 68٪ من الموظفين حول العالم يعملون عن بُعد، حيث أن 49٪ منهم يعملون بدوام كامل و 38٪ فقط يعملون في مواقع ومقرات العمل. ولكن لا تزال هناك بعض المفاهيم الخاطئة حول العمل عن بعد، وخلافا للإعتقاد السائد، فإن الأشخاص الذين يعملون خارج المكتب يكونوا أقل تشتتًا وأكثر تركيزا على الوظائف المكلفين بها، كما أنهم غير مرتبطين بساعات العمل المعتادة، وهم مهيأون بشكل أفضل للوفاء بالمواعيد النهائية لتسليم الأعمال. كما أن العمل عن بُعد يعني أن الشركات يمكنها توفيرالكثير المال والجهد المبذول لإدارة فرق العمل والموظفين داخل المكتب. وعلى الرغم من ذلك، يجادل البعض فى أن العمل عن بعد يضر بثقافة المكتب، ولكن هذا يعتبر ثمن ضئيل مقابل جميع الفوائد التي يحصل عليها صاحب العمل.
إن العمل عن بعد يحظى بشعبية كبيرة بين الموظفين، وذلك إستنادًا إلى إصدار 2020 من إحصائيات العمل عن بُعد. ومن الجدير بالذكر، أن الشركات التي تسمح بالعمل عن بعد لديها معدل تبدُّل موظفين أقل بنسبة 25٪ في الشركات التي لا تسمح بذلك. وفي الوقت نفسه، سيكون 76 ٪ من الموظفين أكثر استعدادًا للبقاء مع صاحب العمل الحالي إذا كان بإمكانهم العمل لساعات مرنة. بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يعملون عن بعد مرة واحدة في الشهر كحد أدنى هم أكثر إحتمالية بنسبة 24٪ لأن يكونوا سعداء ومنتجين. وأخيرًا وليس آخرًا ،فقد زاد عدد الأشخاص الذين يعملون من المنزل بنسبة 140٪ منذ عام 2005. ونود أن نذكر أيضا، أن العمل من المنزل له العديد من الفوائد البيئية، فوفقا لوضع العمل عن بعُد، لا يتنقل الموظفون من المنزل يوميًا،وذلك يقلل بشكل كبير من كمية التلوث التي يتسببون فى حدوثها نتيجة لإنتقالهم إلى اماكن العمل. وإذا قمنا بإحتساب الموظفين الذين يرغبون في العمل عن بُعد ولكنهم لا يستطيعون الآن القيام بذلك، فسوف نلاحظ حدوث إنخفاض سنوي في الغازات الضارة بالبيئة مساوى للكمية التي تنتجها 10 مليون سيارة.
العمل عن بعد وشركات الطباعة
إستنادًا إلى أحد التقارير التى نشرتها مؤخرًا شركة كي بوينت إنتليجينس، فإن ما يقرب من 75٪ من شركات الطباعة تقوم بالفعل بإجراء بعض التحسينات التكنولوجية التى من شأنها أن تساعد في دعم سير العمل عن بُعد، وذلك قبل ظهور وباء فيروس كورونا. وعلى الجانب الآخر، هناك أيضًا تحديات تكنولوجية تواجة منظومة العمل عن بعد، يجب أخذها بعين الإعتبار. ومنها وضع سياسة فعالة تتناسب مع طبيعة العمل عن بعد، والتى تعنى إستخدام حلول وأجهزة جديدة بالإضافة إلى ربط سيرالعمل الخاص بمراحل عملية الطباعة بشبكة الموظفين الذين يعملون عن بُعد. وذلك سوف يجعل من استخدام الخدمات السحابية للتصميم وتدقيق نقل الملفات والعمليات الأخرى أكثر أهمية. وسوف يجعل الأولوية للإستثمار في البرامج المتصلة بالإنترنت. ومن ناحية أخرى، يجب تدريب الموظفين لكى يعتادوا على العمل من المنزل. ومن المؤكد أنه سوف تتسارع عملية التشغيل الآلى للمعدات في دور الطباعة، كما ستهيمن أيضا على جميع مراحل الإنتاج. وفى هذة الحالة، سيستجيب مصنعى معدات وماكينات الطباعة إلى الطلب على الآلات اللازمة لعملية الطباعة، فقد قدمت شركة كوينج & باويير ماكينة رابيدا 106 إكس، حيث تقوم الماكينة بكافة مراحل العملية الإنتاجية، من إدخال البيانات وتغيير لوحات العمل بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية التى تتم بشكل تلقائى. كما يتم أيضًا مراقبة العملية الإنتاجية وإدارة المخزون بالكامل عبر الهاتف المحمول أو الجهاز اللوحي. كم أنه قد تم تزويد الجيل الجديد من سلسلة ماكينات سبيد ماستر المقدمة بواسطة شركة هيدلبرج بلوجيستيات الطباعة الآلية، بالإضافة إلى تغيير قاعدة العمل بشكل أتوماتيكى حيث يتم أيضا إزالة اللوحة المستخدمة وتخزينها تلقائيًا. وفى الوقت الحالى، تروج شركة هيدلبرج لمفهوم “إيقاف عملية الطباعة”، ووفقا لهذا المفهوم تدارعملية الطباعة بشكل تلقائى على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع دون تدخل من المشغل. حيث يتدخل المشغل فقط عندما تحتاج عملية الطباعة إلى التوقف بسبب الصيانة أو المتطلبات الفنية الأخرى.
الخاتمة
إنه من العدل ان نقول أن فيروس كورونا المستجد، قد غير حياتنا، وستبقى بعض هذه التغييرات معنا لبقية حياتنا.كما أن التحول لمنظومة العمل عن بعد والتحول إلى التشغيل الأكثر مرونة هو الاستجابة الطبيعية لوجود هذ الوباء. وقد بدأت العديد من شركات الطباعة بالفعل في تبني استراتيجية العمل عن بعد، وذلك على الرغم من أن البعض الآخر قد لا يزال يعتقد أنها تلحق الضرر بمكان العمل وثقافة دورالطباعة.ولكن الشركات التي تواجه التحديات الصعبة كنتيجة حتمية للوباء الحالى يمكنها تجاوز هذة العاصفة بنجاح وكذلك الازدهار في المستقبل.